المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

251

عن الشيء الكامل والصاحي والمحكم وما إلى ذلك من التعبيرات، فمن علامات نصح التوبة عدم الرجوع إلى الذنب، ومن علاماته كون الباطن كالظاهر وأفضل، ومن مقدِّماته صوم الأيّام الثلاثة.

وأمّا الكلام على الآثار الأُخروية للتوبة النصوح فكأنّه يستفاد من الآية الكريمة: أنّ التوبة النصوح زائداً على ما يترتب عليها من المغفرة ودخول الجنّة لها مزيّتان أُخريتان هامّتان:

الأُولى: أنّها توجب ستر العيب في يوم القيامة ﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ * فَمَا لَهُ مِن قُوَّة وَلاَ نَاصِر﴾(1)؛ وذلك لقوله تعالى: ﴿... تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّات تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الاَْنْهَارُ يَوْمَ لاَ يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ ...﴾ ومن الواضح أنّ فضح الذنب في عرصات يوم القيامة من أشدّ أنحاء الإخزاء، أعاذنا الله منه.

وقد ورد التصريح بذلك أعني ستر عيب التائب توبة نصوحاً في حديث صحيح السند عن معاوية بن وهب قال: «سمعت أبا عبدالله(عليه السلام) يقول: إذا تاب العبد توبة نصوحاً أحبّه الله، فستر عليه في الدنيا والآخرة. قلت: وكيف يستر عليه؟ قال: ينسي ملكيه ما كتبا عليه من الذنوب، ويوحي إلى جوارحه اكتمي عليه ذنوبه، ويوحي إلى بقاع الأرض اكتمي ما كان يعمل عليك من الذنوب، فيلقى الله حين يلقاه وليس شيء يشهد عليه بشيء من الذنوب»(2).

والثانية: أنّها تبعث للتائبين في ظلمات يوم القيامة نوراً بين أيديهم وبأيمانهم، وهو المستفاد من ذيل الآية المباركة حيث قال: ﴿نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ﴾.


(1) السورة 86، الطارق، الآيتان: 9 ـ 10.

(2) الوسائل 16/71، الباب 86 من جهاد النفس، الحديث 1.