المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

253

بصير قوله(عليه السلام): «... إنّ الله يحبّ من عباده المفتّن التواب»(1) والإنسان يكون في كثير من الأحيان قبل تزكية نفسه بالرياضات النفسية مبتلىً بحالة الوقوع في كسر التوبة والرجوع إليها مراراً وتكراراً، فحاله كحالة الطفل الذي يعطي لوالديه التعهد بترك الجهالات ثُمّ يكسر ذلك ويكرّر المخالفة والتوبة، وهذا لا يوجب طرده من قبل والديه.

وبهذه المناسبة لا بأس بذكر القِصّة(2) التالية التي فيها عظة وعبرة:

رُوِيَ أنّ شيخاً كان يمشي في أحد الطرق، فرأى طفلاً جالساً يبكي، فسأله مِمّ بكاؤك؟ فقال: إنّ أُمّي أخرجتني من البيت، وكلّما أستجير بالبيوت الأُخرى لا يُفتح لي الباب. فجلس الشيخ عند الطفل، وأخذ يوافق الطفل في البكاء، وقال: لو أنّ طفلاً نهرته أُمّه وطردته من البيت لا يفتح له باب آخر فمن ينهره الله تعالى عن بابه إلى أين يذهب، وكيف ينفتح عليه باب آخر؟! ثُمّ قام الشيخ لكي يذهب في طريقه، فتعلّق به الطفل، وطلب منه أن يشفعه لدى أُمّه، فوافق الشيخ على ذلك، وأخذ بيد الطفل إلى بيت أُمّه، وشفعه عندها، فبكت الأُم، وقالت: يا شيخ نعم الشفيع أنت، ولكن قد شفعه ـ أيضاً ـ قبلك قانون (أولادنا أكبادنا)، ولكنّه يا شيخ إني كلّما أمنعه عن اللعب لا ينزجر، فاعلم أيّها الشيخ: لو خرج مرّة أُخرى من دون إذني من البيت ليلعب قطعت عنه علاقة الأُمومة والبنوّة، فوافق الشيخ على ذلك، فطلبت منه أن يكتب رسالة بهذا المعنى؛ كي لا يلعب بعد هذا مع الأطفال، وإلاّ فما هو ابني ولا أنا أُمّه، فكتب الشيخ بذلك رسالة، وأعطاها إيّاها، فأخذت بيد الطفل، وأدخلته البيت، فما مضت إلاّ سويعة وإذا رأى الشيخ أنّ الطفل قد خرج


(1) الوسائل 16 / 72، الباب 86 من جهاد النفس، الحديث 3، وص 80، الباب 89 منها، الحديث 4.

(2) وردت القِصّة في كتاب خزينة الجواهر في زينة المنابر: 179 ـ 180.