المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

270

الواردة في دعاء أبي حمزة من قوله:

«... اللّهمّ إنّي كلّما قلت قد تهيّأت وتعبّأت وقمت للصلاة بين يديك وناجيتك ألقيتَ عليَّ نعاساً إذا أنا صلّيت، وسلبتني مناجاتك إذا أنا ناجيت، ما لي كلّما قلت قد صلحت سريرتي وقرب من مجالس التوّابين مجلسي، عرضت لي بليّة أزالت قدمي، وحالت بيني وبين خدمتك، سيّدي لعلّك عن بابك طردتني، وعن خدمتك نحيّتني، أو لعلّك رأيتني مستخفّاً بحقّك فأقصيتني، أو لعلّك رأيتني معرضاً عنك فقليتني، أو لعلّك وجدتني في مقام الكاذبين فرفضتني، أو لعلّك رأيتني غير شاكر لنعمائك فحرمتني، أو لعلّك فقدتني من مجالس العلماء فخذلتني، أو لعلّك رأيتني في الغافلين فمن رحمتك آيستني، أو لعلّك رأيتني آلف مجالس البطّالين فبيني وبينهم خلّيتني، أو لعلّك لم تحبّ أن تسمع دعائي فباعدتني، أو لعلّك بجرمي وجريرتي كافيتني، أو لعلّك بقلّة حيائي منك جازيتني...»(1)؟!

هكذا نتعلّم من هذه الأدعية المباركة لغة محاسبة النفس الصادقة رغم وحدة التعبير لدى صدورها عن العاصين، ولدى صدورها عن المتقين العارفين، وبشتّى مستويات العرفان غير المتناهية، وفي كلّ مرتبة من المراتب تعطي هذه الكلمات المعنى المناسب لتلك المرتبة. وسلام الله على أهل بيت يكون كلامهم دون كلام الخالق وفوق كلام المخلوق.

ولنختم حديثنا عن المحاسبة بالكلام حول ما قيل في تشخيص موقعيّة المحاسبة والأُمور المرتبطة بها: من أنّه لابدّ من المرابطة مع النفس أوّلاً بالمشارطة، ثُمّ بالمراقبة، ثُمّ بالمحاسبة، ثُمّ بالمعاقبة، ثُمّ بالمجاهدة، ثُمّ بالمعاتبة، وأصلها: هو المحاسبة، ولكنّ الحساب يكون بعد المشارطة والمراقبة، وتتبعه عند


(1) مفاتيح الجنان، دعاء أبي حمزة الثمالي.