المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

294

التوبة أو نحو ذلك، وأُخرى يكون بمعنى التأسّف على الممتنع كما في مورد الآية المباركة.

وعلى أيّ حال، فهو آية الإيمان، وعلامة الشوق إلى الخير وإلى الله سبحانه وتعالى، ويسبّب دفع الإنسان ـ دائماً ـ إلى جهة الكمال. ومن فوائده في موارد إمكان التدارك البعث إلى التدارك، ومن فوائده ـ أيضاً ـ دفع السرور الزائد الذي يميت القلب، ويبعث إلى التميّع وعدم المبالاة في أقلّ تقدير، ويسبّب الأشر والبطر، وذلك من المهلكات.

وعن مولانا أمير المؤمنين(عليه السلام): في الخطبة المعروفة بخطبة همام أو خطبة المتّقين التي أوردها سلام الله عليه في ذكر أوصاف المتّقين: «... قلوبهم محزونة، وشرورهم مأمونة، وأجسادهم نحيفة، وحاجاتهم خفيفة، وأنفسهم عفيفة، صبروا أيّاماً قصيرة أعقبتهم راحة طويلة. تجارة مربحة يسّرها لهم ربّهم. أرادتهم الدنيا فلم يريدوها، وأسرتهم ففدوا أنفسهم منها. أمّا الليل فصافّون أقدامهم، تالين لأجزاء القرآن يرتّلونه ترتيلاً، يحزّنون به أنفسهم، ويستثيرون به دواء دائهم...»(1).

ولا يخفى أنّ الحزن بالمعنى الذي يشلّ الإنسان عن العمل الاجتماعي، وعن الانشراح مع إخوانه المؤمنين، ويوجب انقباضه عن الناس، وانقباض الناس عنه، إنّما يناسب أهل العرفان الكاذب. أمّا العارف الصحيح فحزنه يكون كامناً في قلبه، يمنعه عن الأشر والبطر والبطالة، ولكنّ بشره في وجهه، محبّب إلى الناس، وجلاّب لعواطف القلوب، ومهتمّ بقضاء حوائج المؤمنين الخاصّة،

وبهموم المسلمين والإسلام العامّة.

وعن مولانا أمير المؤمنين(عليه السلام) أنّه قال: «المؤمن بِشره في وجهه، وحزنه في


(1) نهج البلاغة: 410، رقم الخطبة: 193.