المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

296

المعنى هو: الاحتفاظ بالخُلّة، أي: الصداقة أو الاصدقاء، بمعنى أنّه يكون وفيّاً للذين اتّخذهم أخلاّء في الله حافظاً لهم للغيب بما حفظ الله باذلاً لهم النصح والمعونة.

قوله(عليه السلام): «نفسه أصلب من الصلد، وهو أذلّ من العبد» وهاتان الصفتان أيضاً تصلح إحداهما الأُخرى، فإنّ الصلادة والصلابة وإن كان يقصد بها الشجاعة في ذات الله والمقاومة للحقّ وضدّ الباطل، ولكن قد توجب هذه الحالة ـ والتي هي نوع اعتماد على النفس ـ الغرور والتكبّر، ولكنّه حينما كان ـ أيضاً ـ متّصفاً بأنّ نفسه أذلّ عنده من العبد تكون الصفتان نافعتين وكمالاً عظيماً للنفس. هكذا كان الأئمّة(عليهم السلام) يربّون العارفين بالله الحقيقيين، ويدرّبونهم على أن يكونوا رُهباناً بالليل أُسداً بالنهار.

والحزن الشديد يكون من مَظاهره البكاء، وكذلك الخوف الذي سنبحثه في المستقبل إن شاء الله.

والروايات المادحة للبكاء من خشية الله أو من الحزن كثيرة أُسجل لك هنا بعضها من كتاب الوسائل:

1 ـ عن الصادق(عليه السلام) عن آبائه، عن النبيّ(صلى الله عليه وآله) في حديث المناهي: قال: «ومَنْ ذرفت عيناه من خشية الله كان له بكلّ قطرة قطرت من دموعه قصرٌ في الجنّة، مكلّل بالدرّ والجوهر، فيه ما لا عين رأت، ولا أُذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر»(1).

وقد تستغرب من ثواب عظيم كهذا ممّا يوصف بأنّه لا عين رأت، ولا أُذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، كيف رُتِّب على مجرّد قطرة من الدمع؟! ولكن يزول هذا الاستغراب إذا التفتنا إلى أمرين:


(1) الوسائل 15 / 223، الباب 15 من جهاد النفس، الحديث 1.