المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

299

سبحانه وتعالى، وهما في غاية الأهميّة القصوى:

الاُولى: أنّ حالة البكاء هي من أقرب الحالات إلى الله سبحانه وتعالى، وأشدّها تفاعلاً مع الله عزّ وجلّ، وانشداداً عاطفياً إليه عزّ اسمه.

والثانية: أنّ هذه الحالة يمكن استثمارها في سبيل تربية النفس وتزكيتها وتنميتها، وذلك عن طريق أن يفرض الشخص على نفسه في تلك الحالة ما يشاء من ترك المذموم من الخصال أو الأفعال، أو الالتزام بالممدوح من الخصال أو الأفعال، فإنّ النفس تقبل منه هذا التحميل في تلك الساعة التي هي ساعة الصفاء وساعة الانفتاح على العالَم العلوي، في حين أنّه لو أراد الإنسان أن يأخذ على نفسه التزاماً من هذا القبيل في ساعة أُخرى ربّما لا تُعطيه نفسه ذلك ولا تطاوعه، وهي أطوع لك في إعطاء التزام كهذا في ساعة البكاء.

ولكننا يجب أن ننبّه أخيراً إلى بعض الآفات التي قد تترتّب على البكاء؛ كي يلتفت إليها سالك الطريق ويحترز منها، وطبعاً إنّ هذه الآفات لو ترتّبت على البكاء فهي نتيجة ضعف نفس الباكي، وإلاّ فليس من المفروض أن يترتّب على البكاء من خشية الله أو من عظمته أو ما إلى ذلك غير الخير والسعادة. وتلك الآفات ما يلي:

1 ـ هناك آفة لا تختصّ بالبكاء، بل كثيراً ما تعرض على باقي العبادات والطاعات أيضاً، وهي: آفة العُجب وحالة الزهو والكبرياء والتبختر وما إلى ذلك، وذلك من أعظم الذنوب. والنفس نتيجة ضعفها قد تبتلي بهذه الحالة عقيب طاعاتها وعباداتها، فلابدّ من الالتفات إلى هذه الآفة والتجنّب عنها، وذلك بالتفات النفس ضمن ماهي عليه من كمال نتيجة طاعتها إلى ما لها من نقائص لا تنتهي مهما بلغت من مرقاة الكمال، وأنّ ما حصلت عليه من كمال إنّما حصلت عليه بفضل الله ورحمته وبحوله وقوّته، وليس قد بلغت ما بلغت من تلقاء نفسها. قال الله تعالى: