المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

305

ويشير إلى الثالث قوله(عليه السلام): «... وأجر اللَّهمّ لهيبتك من آماقي(1) زفرات الدموع...»(2).

ولكنّنا ننكر ما فُرِضَ من أنّ الخاصّة ليس لديهم الخوف بالمعنى الأوّل، أو أنّ خاصّة الخاصّة ليس لديهم الخوف الثاني أيضاً، ألا ترى أنّ الآية الشريفة الواردة في سورة الإنسان نسبت الخوف إلى أهل بيت العصمة حيث قالت عنهم: ﴿إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً﴾؟!

نعم، هذا الخوف منهم لا يعني ما يكون من غيرهم من الخوف نتيجة معصية صدرت عنهم، فإنّهم لم تصدر عنهم المعصية بالمعنى المألوف، بل الخوف بالنسبة لهم يمكن أن يكون خوفاً من الوقوع في المعصية من دون أن ينافي ذلك العصمة؛ لأنّ العصمة قد تكون في طول الخوف الشديد الذي هو فوق ما يتصوّر من الإنسان الاعتيادي. ويمكن أن يكون خوفاً ممّا قد يصدر عنهم من ترك الأولى كلٌّ بالقياس إلى ما وصل إليه من مقام الكمال والعرفان. وترك الأولى بهذا المعنى يسبّب في أولياء الله المخلصين نوعاً من تأديب دنيويّ كما اتّفق لذي النون ـ على نبيّنا وآله وعليه الصلاة والسلام ـ بصريح القرآن حتّى قال عنه سبحانه وتعالى: ﴿فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾(3). ويمكن أن يكون خوفاً من الحجاب عن الله سبحانه وتعالى كما ورد في دعاء كميل: «... صبرت على عذابك، فكيف أصبر على فراقك...».

أمّا العرفان الذي كان بدءه من قبلِ أبناء العامّة لامن مدرسة أهل البيت، فقد تورّط في تخيّل أنّه لا يتعقّل الخوف بالمعنيين الأوّلين من خواصّ الخواصّ


(1) مجاري الدمع من العين.

(2) دعاء الصباح.

(3) السورة 37، الصّافات، الآيتان: 143 ـ 144.