المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

308

عن الصادق(عليه السلام) قال: «قلت له: قوم يعملون بالمعاصي، ويقولون نرجو، فلا يزالون كذلك حتّى يأتيهم الموت؟ فقال: هؤلاء قوم يترجّحون في الأماني، كذبوا ليسوا براجين من رجا شيئاً طلبه، ومن خاف من شيء هرب منه»(1). وعن الحسين بن أبي سارة قال: «سمعت أبا عبدالله(عليه السلام) يقول: لا يكون المؤمن مؤمناً حتّى يكون خائفاً راجياً، ولا يكون خائفاً راجياً حتّى يكون عاملاً لما يخاف ويرجو»(2).

ولكن مع ذلك لاشكّ أنّ الخوف وحده أو الرجاء وحده يؤثّر في نفوسنا أثراً عكسياً، لا نتيجة ذات الخوف أو الرجاء، بل نتيجة ضعف نفوسنا نحن الاعتياديين من الناس. ومن هنا ورد التأكيد في الكتاب والسنّة على الخوف والرجاء معاً. قال الله تعالى: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً ...﴾(3).

وقال مولانا أمير المؤمنين(عليه السلام) على ما ورد في خطبة همام في وصف المتّقين: « ... فهم والجنّة كمن قد رآها فهم فيها منعّمون، وهم والنار كمن قد رآها فهم فيها معذّبون ...»(4) ولو بقي الرجاء وحده في النفس انقلب إلى الأمانيّ الكاذبة كما مضى آنفاً في حديث ابن أبي نجران، ولو بقي الخوف وحده في النفس انقلب إلى اليأس كما هو الحال في قِصَّة حميد بن قحطبة المعروفة المرويّة عن عبيدالله البزّاز النيسابوري قال:

«كان بيني وبين حميد بن قحطبة الطائي الطوسي معاملة، فرحلت إليه في بعض الأيّام، فبلغه خبر قدومي، فاستحضرني للوقت، وعليّ ثياب السفر لم أُغيرها، وذلك في شهر رمضان وقت صلاة الظهر، فلمّا دخلت إليه رأيته في بيت يجري فيه


(1) الوسائل 15/216، الباب 13 من جهاد النفس، الحديث 2.

(2) المصدر السابق: ص217، الحديث 5.

(3) السورة 32، السجدة، الآية: 16.

(4) نهج البلاغة: 410، رقم الخطبة: 193.