المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

309

الماء، فسلّمت عليه وجلست، فأُتي بطست وإبريق فغسل يديه، ثُمّ أمرني فغسلت يدي، وأُحضرت المائدة، وذهب عنّي أ نّي صائم، وأ نّي في شهر رمضان، ثُمّ ذكرت فأمسكت يدي، فقال لي حميد: مالك لا تأكل؟ فقلت: أيّها الأمير هذا شهر رمضان، ولست بمريض ولابيّ علّة توجب الإفطار، ولعلَّ الأمير له عذر في ذلك أو علّة توجب الإفطار، فقال: ما بيّ علّة توجب الإفطار، وإنّي لصحيح البدن، ثُمّ دمعت عيناه وبكى، فقلت له بعدما فرغ من طعامه: ما يبكيك أيّها الأمير؟ فقال: أنفذ إليّ هارون الرشيد وقت كونه بطوس في بعض الليالي: أن أجب، فلمّا دخلت عليه رأيت بين يديه شمعة تتّقد وسيفاً أخضر مسلولاً، وبين يديه خادم واقف، فلمّا قمت بين يديه رفع رأسه إليّ، فقال: كيف طاعتك لأمير المؤمنين؟ فقلت: بالنفس والمال، فأطرق، ثُمّ أذِن لي في الانصراف، فلم ألبث في منزلي حتّى عاد الرسول إليّ وقال: أجب أمير المؤمنين، فقلت في نفسي: إنّا لله أخاف أن يكون قد عزم على قتلي، وإنّه لما رآني استحيى منّي، فعدت إلى بين يديه، فرفع رأسه إليّ، فقال: كيف طاعتك لأمير المؤمنين؟ فقلت: بالنفس والمال والأهل والولد، فتبسّم ضاحكاً، ثُمّ أذن لي في الانصراف، فلمّا دخلت منزلي لم ألبث أن عاد الرسول إليّ فقال: أجب أمير المؤمنين، فحضرت بين يديه وهو على حاله، فرفع رأسه إليّ، فقال: كيف طاعتك لأمير المؤمنين؟ فقلت: بالنفس والمال والأهل والولد والدين، فضحك، ثُمّ قال لي: خذ هذا السيف، وامتثل ما يأمرك به هذا الخادم، قال: فتناول الخادم السيف، وناولنيه، وجاء بي إلى بيت بابه مغلق، ففتحه فإذا فيه بئر في وسطه، وثلاثة بيوت أبوابها مغلّقة، ففتح باب بيت منها فإذا فيه عشرون نفساً عليهم الشعور والذوائب شيوخ وكهول وشبّان مقيدون، فقال لي: إنّ أمير المؤمنين يأمرك بقتل هؤلاء، وكانوا كلّهم علويين من ولد عليّ وفاطمة(عليهما السلام)، فجعل يُخرج إليّ واحداً بعد واحد، فأضرب عنقه حتى أتيت على آخرهم، ثُمّ رمى بأجسادهم