المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

310

ورؤوسهم في تلك البئر، ثُمّ فتح باب بيت آخر فإذا فيه أيضاً عشرون نفساً من العلويّة من ولد عليّ وفاطمة(عليهما السلام) مقيدون، فقال لي: إنّ أمير المؤمنين يأمرك بقتل هؤلاء، فجعل يُخرج إليّ واحداً بعد واحد، فأضرب عنقه، ويرمي به في تلك البئر حتّى أتيت على آخرهم، ثُمّ فتح باب البيت الثالث فإذا فيه مثلهم عشرون نفساً من ولد عليّ وفاطمة مقيدون عليهم الشعور والذوائب، فقال لي: إنّ أمير المؤمنين يأمرك أن تقتل هؤلاء أيضاً، فجعل يُخرج إليّ واحداً بعد واحد، فأضرب عنقه، فيرمي به في تلك البئر حتّى أتيت على تسعة عشر نفساً منهم، وبقي شيخ منهم عليه شعر، فقال لي تبّاً لك يامشوم، أي عذر لك يوم القيامة إذا قدمت على جدّنا رسول الله(صلى الله عليه وآله) وقد قتلت من أولاده ستين نفساً قد ولدهم عليّ وفاطمة(عليهما السلام)؟! فارتعشت يدي، وارتعدت فرائصي، فنظر إليّ الخادم مغضباً وزبرني، فأتيت على ذلك الشيخ أيضاً فقتلته، ورمى به في تلك البئر. فإذا كان فعلي هذا وقد قتلت ستين نفساً من ولد رسول الله(صلى الله عليه وآله) فما ينفعني صومي وصلاتي؟! وأنا لا أشكّ أ نّي مخلد في النار»(1).

أقول: انظر إلى هذا الشقيِّ المحروم كيف أنّ الجزء الأخير لسبب هلاكه كان هو: يأسه، لاقتله لستين من ذرّية الرسول(صلى الله عليه وآله)؛ إذ لو لم يكن قد استولى عليه شقاؤه باليأس كان بإمكانه أن يستشفي بدار شفاء الإمام المعصوم في زمانه موسى بن جعفر(عليه السلام) أو الإمام الرضا(عليه السلام)، ويطلب منه العلاج، أفهل ترى أنّ الإمام(عليه السلام) كان يردّه عن بابه خائباً؟! كلاّ. ثُمّ كأنّه لم يكن قد قرأ القرآن، ولم يمرّ بهذه الآية المباركة: ﴿وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَات


(1) البحار 48/176 ـ 178.