المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

317

السَّاعَةَ قَرِيبٌ * يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلاَ إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلاَل بَعِيد﴾(1).

وكيف لا يشفق المؤمن من الساعة وقد قال الله تعالى: ﴿... إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَة عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْل حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ﴾(2).

ويظهر من الآية الثانية من آيتي الإشفاق من الساعة: أنّ وقت قيام الساعة مجهول حتّى عند رسول الله(صلى الله عليه وآله)؛ إذ قال سبحانه: ﴿... وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ﴾، والأصرح من ذلك في مجهوليّة وقت قيام الساعة حتّى عند رسول الله(صلى الله عليه وآله)قوله تعالى: ﴿يَسْأَ لُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إلاَّ بَغْتَةً يَسْأَ لُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللّهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ﴾(3).

وكذلك قوله تعالى: ﴿يَسْأَ لُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا * فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا * إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا * إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا * كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا﴾(4).

وإنّي أختم الحديث هنا بذكر رواية طريفة تقول: نادى رجلٌ رسول الله(صلى الله عليه وآله)في أحد أسفاره بصوت عال، وقال: يا محمّد! فأجابه رسول الله(صلى الله عليه وآله) مثله بصوت عال: ماذا تقول؟ قال: متى الساعة؟ فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): إنّها كائنة، فما أعددت لها ؟ قال: حبَّ الله ورسولَه، فقال(صلى الله عليه وآله): «أنت مع مَنْ أحببت»(5).


(1) السورة 42، الشورى، الآيتان: 17 ـ 18.

(2) السورة 22، الحج، الآيتان: 1 ـ 2.

(3) السورة 7، الاعراف، الآية: 187.

(4) السورة 79، النازعات، الآيات: 42 ـ 46.

(5) تفسير «نمونه»: 20 / 394 نقلاً عن تفسير مراغي 25 / 32.