المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

325

 

 

 

 

الفصل الثاني عشر

ا لـــز هـــــــد

 

قال الله تعالى: ﴿مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَة فِي الاَْرْضِ وَلاَ فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَاب مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلاَ تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَال فَخُور * الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾(1).

ورد عن مولانا أمير المؤمنين(عليه السلام): «الزهد كلّه بين كلمتين من القرآن قال الله سبحانه: ﴿لِكَيْلاَ تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ...﴾ ومن لم يأس على الماضي ولم يفرح بالآتي فقد أخذ الزهد بطرفيه»(2).

يبدو أنّ هذه الآية المباركة تُبدي إحدى حِكَم وجود المصائب والمحن في الدنيا، وهي: ترويض الله ـ تبارك وتعالى ـ أولياءه على الزهد في الدنيا، والذي يعني: أن لا تملكك الدنيا، وليس أن لا تملكها، وتفسير ذلك يكمن في كلمتين: أن لا يأسوا ولا يأسفوا على مافاتهم، ولا يفرحوا بما أُوتوا، فإنّ المصائب والمحن تطأطئ الرأس، وتذهب بالخيلاء والفخر، وتعالج الظِنّة والبخل بمال الدنيا.

كما أنّ بعض الآيات الأُخرى تفصح عن حكمة أُخرى من حِكم المصائب


(1) السورة 57، الحديد، الآيات: 22 ـ 24.

(2) نهج البلاغة: 750، رقم الحكمة: 439.