المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

326

والمحن، وهي: المجازاة أو التنبيه كقوله تعالى: ﴿وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَة فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِير﴾(1).

وقوله تعالى: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾(2).

وقوله تعالى: ﴿وَلَنُذِيقَنَّهُم مِنَ الْعَذَابِ الاَْدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الاَْكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾(3).

وصدر الآية المباركة الأُولى التي بدأنا بها الحديث ـ وهو قوله: ﴿مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَة فِي الاَْرْضِ وَلاَ فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَاب مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا ...﴾ أي: من قبل أن نبرأ النفوس، أو من قبل أن نبرأ الأرض، أو المقصود كلاهما، أي: من قبل أن نبرأ الأرض والنفوس ـ مطلقةٌ تشمل تمام المصائب على ما يبدو لنا، أي: سواءٌ المصيبة التي جرت لمجرد التربية على الزهد النافعة لأولياء الله، أو المصيبة التي جرت مجازاةً أو تنبيهاً، فإنّها جميعاً مقدّرة في علم الله من قبل أن يبرأ الأرض والنفوس. وأظنّ أنّ ذيل الآية الأُولى: وهي هدف التربية على الزهد أيضاً مطلقة، فالله ـ تعالى ـ لا يبخل ببعض عباده وقد هيّأ وسائل التربية لهم جميعاً. غاية الأمر أنّ من عباده من يتمتّع بهذه الوسائل، وفي مورد البحث هنا يستفيد الزهد ويتربّى عليه وذلك من قبيل أولياء الله، ومنهم من يهمل ذلك ولا يتمتع بها، بل وحتّى هدف التنبيه على التوبة في قوله تعالى: ﴿لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾يوجد مَنْ لا يستفيده بسوء سريرته، ويوجد من العاصين من يستفيد فيؤوب إلى رشده.

والآيات الأخيرة التي هي آيات المجازاة أو التنبيه على التوبة لا تشمل طبعاً


(1) السورة 42، الشورى، الآية: 30.

(2) السورة 30، الروم، الآية: 41.

(3) السورة 32، السجدة، الآية: 21.