المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

329

قال: كانت باسمي، قلت: لماذا هلكت؟ قال: (من دون أن يشير إلى سبب الموت): الذي أعطانا هذه الآبال سلبها منّا، قلت له: ألست متألّماً على ذلك، وهل قلتَ شيئاً بهذه المناسبة؟ قال: بلى قلت هذين البيتين:

لا والذي أنا عبدٌ من خلائقه
والمرءُ في الدهر نصبُ الرزء والمحنِ
ما سرّني أن إبلِّي في مباركها
وما جرى من قضاء الله لم يكنِ(1).

 

تفسير انحرافي لمعنى الزهد:

قد يُفسَّر من قبلِ أُناس قشريّين ـ وربّما يُسمَّون بالمقدّسين وهم بعيدون عن القدس الحقيقي ـ بالابتعاد عن نعم الله وطيّباته وزينته التي أخرج لعباده. ويحاولون إبعاد المسلمين عن أيّ اهتمام بالاُمور المادّيّة الدنيويّة. ومن المفاسد العظيمة التي تترتّب على ذلك فتح السبيل لسيطرة الكافر المستكبر على خيرات المسلمين وبركاتهم ومنابعهم المادّيّة الغنيّة التي قلّ مثلها في غير بلاد المسلمين، بل وأكثر من ذلك قد يصبح الشخص المتربّى على هذه الروح إنساناً حياديّاً تجاه سيطرة المستكبرين على الحكم أيضاً مادام التقمّص بالحكم يُعْتبر عندهم لوناً من التمتّع بالدنيا، وشكلاً من أشكال طلب الجاه والذي لا يناسب الزاهدين مادام الزهد عبارةً عن أن لا يهمّك مَن أكل الدنيا(2).


(1) تفسير «نمونه» 23 / 367 ـ 368.

(2) وقد ورد في حديث عن الصادق(عليه السلام)، عن رسول الله(صلى الله عليه وآله): «لا يجد الرجل حلاوة الإيمان في قلبه حتّى لا يبالي من أكل الدنيا». الوسائل 16 / 12، الباب 62 من جهاد النفس، الحديث 5. وهذه الرواية إن صحّت يجب أن تحمل على معنى ﴿...لاَ تَأسَوا على مافاتَكم﴾الوارد في القرآن الكريم.

وأيضاً يكون هذا النمط من التفسير للزهد موجباً لتشويه الدين الحنيف وسبباً لاشمئزاز النفوس منه.