المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

334

مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَّحْسُوراً﴾(1).

وقال أيضاً: ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ...﴾(2).

ومن الطريف أنّ الله ـ تعالى ـ سمّى الافراط حتّى في حقّ الحصاد الذي هو في نفسه إحسان مطلوب بالإسراف ونهى عنه، قال الله تعالى: ﴿... كُلُوا مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾(3).

وقد ورد في تفسير العياشي عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر(عليه السلام) في قوله: « ﴿... وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ...﴾ قال: كان فلان ابن فلان الأنصاريّ ـ سمّاه ـ كان له حرث، وكان إذا جذّه تصدّق به، وبقي هو وعياله بغير شيء، فجعل الله ذلك سرفاً»(4).

وقد روى الكليني عن أبي الحسن(عليه السلام) بواسطتين كلاهما من أوثق الرواة، وهما: محمّد بن يحيى العطار، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، قال: «سألته عن قول الله تعالى: ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُوا ...﴾ قال: كان أبي يقول: من الإسراف في الحصاد والجذاذ أن يصدّق الرجل بكفّيه جميعاً. وكان أبي إذا حضر شيئاً من هذا، فرأى أحداً من غلمانه يتصدّق بكفّيه صاح به: أعط بيد واحدة القبضة بعد القبضة، والضغث بعد الضغث من السنبل»(5).

وقد تلخّص من كلّ ما ذكرناه حتّى الآن: أنّ الزهد له معنيان أوله مصداقان:

أحدهما: الاجتناب عن المحرّمات والمشتبهات.


(1) السورة 17، الإسراء، الآية: 29.

(2) السورة 28، القصص، الآية: 77.

(3) السورة 6، الأنعام، الآية: 141.

(4) الوسائل 9/203، الباب 16 من زكاة الغلات، الحديث 2.

(5) المصدر نفسه ح1.