المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

335

والثاني: أن لا يأسى على مافاته، ولا يفرح بما أُوتيه. ولا يخفى أنّ الوصول إلى هذا المقام أصعب بكثير من الزهد بمعناه القشري، أعني: ترك المحلّلات.

ومن طريف ما ورد في المعنى الأوّل، أعني: ترك المحرّمات والمشتبهات ما رواه هاشم بن البريد قال: «قال لي عليّ بن الحسين(عليه السلام): الزهد عشرة أجزاء، أعلى درجة الزهد أدنى درجة الورع، وأعلى درجة الورع أدنى درجة اليقين، وأعلى درجة اليقين أدنى درجة الرضا»(1).

فكأنّ المقصود بقوله: (أعلى درجة الزهد أدنى درجة الورع) هو: المعنى الأوّل للزهد، أي: أنّ أدنى درجة الورع هو: أن يزهد الإنسان في المحرمات والمشتبهات.

وورد نظير هذا الحديث عن نفس الراوي أعني: هاشم بن البريد، عن أبي جعفر(عليه السلام)، وذيله مشتمل على المعنى الثاني للزهد أيضاً، والنص مايلي(2): عن هاشم بن البريد، عن أبي جعفر(عليه السلام) «إن رجلاً سأله عن الزهد فقال: الزهد عشرة أشياء، وأعلى درجات الزهد أدنى درجات الورع، وأعلى درجات الورع أدنى درجات اليقين، وأعلى درجات اليقين أدنى درجات الرضا، ألا وإنّ الزهد في آية من كتاب الله عزّ وجلّ: ﴿... لِكَيْلاَ تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ...﴾».

ثُمّ أنّه ورد عن أهل العرفان غير التابعين لأهل البيت(عليهم السلام)تفسير الزهد بثلاث درجات(3):

الدرجة الأُولى: الزهد عن المحرمات والشبهات، وهو زهد العامّة.

والدرجة الثانية: الزهد عمّا عدا المُسكة والاكتفاء بقدر الاضطرار.


(1) الكافي 2/62، كتاب الإيمان والكفر، باب الرضا، الحديث 10.

(2) راجع البحار 70/310 الحديث 5.

(3) راجع شرح منازل السائرين للتلمساني: 140 ـ 143، وشرحه أيضاً للكاشاني: 53 ـ 54.