المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

350

الذي هو خير من اللباس المادّي ألا وهو: لباس التقوى. ويحذّرنا من أن يكرّر الشيطان علينا الحيلة التي ارتكبها مع أبوينا. وفي هذه المرّة لا ينزع عنّا لباسنا المادي؛ فإنّه لم يلبس علينا بطابع الإكرام الإلهي البحت (وإن كانت جميع النعم بالمعنى العام إكراماً إلهيّاً لنا)، فإنّ لبس اللباس امر اختياري لنا، ويحمل مؤونة التحصيل واللبس، ولكنّ لباس الكرامة الحقيقيّة لنا ـ والتي هي خير من اللباس المادّي ـ إنّما هو لباس التقوى. وهذا هو اللباس الذي ينزعه منّا الشيطان هذه المرّة إن عصيناه سبحانه وتعالى.

وبهذه المناسبة أُشير إلى بعض أساليب نزع الشيطان عنّا لباس التقوى، وهي ما وردت في رواية عن الإمام الباقر(عليه السلام): «لمّا دعا نوح(عليه السلام) ربّه ـ عزّوجلّ ـ على قومه أتاه إبليس لعنه الله فقال: يا نوح إنّ لك عندي يداً ! أُريد أن أُكافيك عليها.

فقال نوح(عليه السلام): إنّه ليبغض إليّ أن يكون لك عندي يد فما هي ؟

قال: بلى دعوت الله على قومك فأغرقتهم، فلم يبقَ أحد أُغويه، فأنا مستريح حتّى ينسق قرن آخر وأُغويهم.

فقال له نوح(عليه السلام): ما الذي تريد أن تكافيني به ؟

قال: اذكرني في ثلاث مواطن(1) فإنّي أقرب ما أكون إلى العبد إذا كان في إحداهنّ:

اذكرني إذا غضبت.

واذكرني إذا حكمت بين اثنين.

واذكرني إذا كنت مع امرأة خالياً ليس معكما أحد»(2).

وفي ختام البحث أقول: إذا اتّضح لك بما شرحنا حتّى الآن فضل التقوى


(1) هكذا وردت، والصحيح: ثلاثة مواطن.

(2) البحار 11 / 318.