المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

353

مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْض دَرَجَات لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ * وَلَوْلاَ أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِّن فِضَّة وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ * وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً وَسُرُراً عَلَيْهَا يَتَّكِؤُونَ * وَزُخْرُفاً وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ﴾(1)، وكأنّ الآية تشير إلى أنّه لولا مخافة أن يكون الناس أُمّة واحدة كافرة لأغنى الله ـ تعالى ـ الكفّار، ورفّه عليهم، إمّا بهدف الإملاء؛ كي يطغوا أكثر، ويحلّ عليهم غضب الربّ، أو بهدف مكافأتهم بالجميل على بعض ما يصدر عنهم أحياناً من أعمال حسنة؛ كي لا يستحقّوا جزاءها الحسن في الآخرة، أو لأيّ سبب آخر مجهول لدينا.

وفي مقابل هذه الامتيازات المادّيّة المزيّفة قد جاءنا القرآن بامتيازات معنويّة من أرقى ما يمكن أن يكون، فقد فضّل الله ـ تعالى ـ العلماء على الجهّال في قوله تعالى: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الاَْلْبَابِ﴾(2). وفضّل الله ـ تعالى ـ المجاهدين على القاعدين في قوله تعالى: ﴿لاَ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُـلاًّ وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً * دَرَجَات مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللّهُ غَفُوراً رَّحِيماً﴾(3). وفضّل الله المؤمنين على غيرهم، والعلماء على غيرهم في قوله تعالى: ﴿... يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا


(1) السورة 43، الزخرف، الآيات: 31 ـ 35.

(2) السورة 39، الزمر، الآية: 9.

(3) السورة 4، النساء، الآيتان: 95 ـ 96.