المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

354

الْعِلْمَ دَرَجَات ...﴾(1) وفضّل الله المتقين على غيرهم في قوله تعالى: ﴿... إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ...﴾(2).

والذي يجلب الانتباه أنّ التفضيل بالتقوى جُعِلَ تفضيلاً مطلقاً، في حين أنَّ التفضيلات الأُخرى لا يفهم منها أكثر من التفضيل النسبي، ولعلَّ السبب في ذلك ما يلي: إنَّ التقوى لا يمكن أن تخلو من العلم؛ لأنَّ الجاهل لا يستطيع أن يتقي موارد الخطر التي يجهلها، ولكن العلم يمكن أن يخلو من التقوى، فلا يزداد صاحبه من الله إلاّ بُعداً؛ ولهذا فالعلم لم يصبح امتيازاً مطلقاً، ولكنَّ التقوى أصبحت امتيازاً مطلقاً. وكذلك التقوى لا يمكن أن تكون بلا إيمان، في حين أنَّ الإيمان قد يكون بلا تقوى؛ ولهذا لم يصبح الإيمان امتيازاً مطلقاً، ولكنَّ التقوى أصبحت امتيازاً مطلقاً. وكذلك الجهاد ليس إلاّ فخذاً من أفخاذ التقوى. والتقوى في كلِّ مورد بحسبه، فقد تكون التقوى في الجهاد، وأُخرى في التعلم، وثالثة في تبليغ الرسالة الإسلاميّة ... وما إلى ذلك، فالتقوى هي الفضيلة الجامعة المطلقة، وليس الجهاد.

أختم الحديث عن التقوى بقوله سبحانه وتعالى: ﴿وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيد * هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّاب حَفِيظ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمن بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْب مُّنِيب * ادْخُلُوهَا بِسَلاَم ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ * لَهُمْ مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ﴾(3).


(1) السورة 58، المجادلة، الآية: 11.

(2) السورة 49، الحجرات، الآية: 13.

(3) السورة 50، ق، الآيات: 31 ـ 35.