المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

366

اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ * مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾(1).

وقال عزّ من قائل: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالاَْرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾(2).

وقال سبحانه وتعالى: ﴿مَا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً * أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَات طِبَاقاً * وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجاً * وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الاَْرْضِ نَبَاتاً * ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجاً * وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الاَْرْضَ بِسَاطاً * لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلاً فِجَاجاً﴾(3).

قد يلتزم العبد بترك المخالفة لله في ساعات عدم توافر المغريات الملحّة على المخالفة، كإنسان مستغن عن الزنا بما لديه من زوجة أو زوجات، فيترك الزنا، أو مستغن عن السرقة بما لديه من الرفاه الاقتصادي، فلا يقترب من السرقة، أو ما شابه ذلك. وهذا له شيء من الفضيلة، فقد توقّى ـ على أيّة حال ـ النار، بل حصل ـ أيضاً ـ على شيء من الثواب، لكن هذا ليس هو الذي قدر الله حقَّ قدره، أو عظّم شعائر الله، أو عظّم حرمات الله. فالعبد ينبغي له أن يكون تعامله مع مولاه تعامل المعظّم والمقدّر لمولاه حقّ قدره. وهذا له درجتان:

الأُولى: تعظيمه لثواب الله وعقابه بحيث حتّى لو اشتدّت المغريات إلى الشهوات النفسانيّة والملذّات المحرّمة يتركها طمعاً بالثواب وخوفاً من العقاب على أساس أنّهم والجنّة كمن رآها فهم فيها منعّمون، وأنّهم والنار كمن رآها فهم فيها معذّبون. فمن تكون هذه حالته فمن الطبيعي أنّ كثرة المغريات لا تفعل في


(1) السورة 22، الحج، الآيتان: 73 ـ 74.

(2) السورة 39، الزمر، الآية: 67.

(3) السورة 71، نوح، الآيات: 13 ـ 20.