المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

370

آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضِ وَاخْتِلاَفُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لاَ يَات لِّلْعَالِمِينَ﴾(1).

والثاني: خلق كلّ إنسان في أطوار متبادلة خلقاً بعد خلق. وقد يشهد لهذا المعنى قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ سُلاَلَة مِّن طِين * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَار مَّكِين * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ﴾(2).

وكذلك قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَاب ثُمَّ مِن نُّطْفَة ثُمَّ مِنْ عَلَقَة ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُّسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾(3).

ثمّ إنّ المستوى الثاني من تعظيم شعائر الله، أو حرماته، أو حدوده، أو تقدير الله حقَّ قدره، أو رجاء الوقار لله (وهو ما أشرنا إليه من كون المطلوب والمقصود للعبد رضا الله تعالى وبغضّ النظر عن جنّة أو نار) ينقسم ـ أيضاً ـ في ذاته إلى مستويات ودرجات إلى أن يصل إلى المحو الكامل في ذات الله. ونموذجه ما هو مرويّ عن إمامنا أميرالمؤمنين(عليه السلام) من أنّه كان في صلاته يستغرق في الله إلى حدّ استخرج السهم من رجله في حال الصلاة فلم يلتفت(4).

ولا تستغرب من ذلك، فلئن كان انمحاء صويحبات يوسف في جمال يوسف الذي ليس إلاّ قطرة من بحر جمال الربّ تعالى يؤدّي إلى أن يقطعن أيديهنّ من


(1) السورة 30، الروم، الآية: 22.

(2) السورة 23، المؤمنون، الآيات: 12 ـ 16.

(3) السورة 40، غافر، الآية: 67.

(4) راجع تفسير «نمونه» 4 / 428، وأنوار المواهب للشيخ النهاوندي: 160 والمحجة البيضاء للفيض الكاشاني 1 / 397 ـ 398.