المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

374

اللام) والتعبير به (بفتح اللام) بأنّ الأوّل يصدق على العبد من بدايات سلوكه، والثاني يصدق في النهايات.

والإخلاص مع التضحية في سبيل الله هما سيّدا الأوصاف الفاضلة. وتوضيح ذلك: أنّ وزن كلِّ عمل وقيمته عند الناس إنّما يكون بمقدار نتائجه الخارجيّة، فالخادم الذي يكون أكثر نتاجاً في خدمته خارجاً مثلاً يكون هو المقرّب عند صاحب العمل، والمقاتل الذي يكون أكثر نتاجاً في فتح البلاد يكون هو المقرّب لدى السلطان، وما إلى ذلك، وحتّى بالنسبة للمؤمنين الذين يستأجرون أُناساً للخدمات الإسلاميّة يكون المقرَّب منهم أكثر ـ لدى أُولئك المؤمنين ـ مَن ينتج خارجاً أكثر في خدمته الموكّلة إليه، كخدمة التبليغ مثلاً للإسلام أو أيّ خدمة أُخرى، ولكنَّ الوزن والقيمة للأعمال لدى الربّ سبحانه وتعالى ليس بكثرة النتاج الخارجي، بل بمدى الخلوص الباطني للعبد من ناحية، ومدى تضحية العبد في عمله هذا من ناحية اُخرى وإن قلّت النتائج الخارجيّة، فربّ جنديٍّ ضعيف قليل الإنتاج تحت راية زعيم حرب فاتح عظيم يكون خيراً عندالله من ذاك الزعيم الفاتح؛ لكونه أكثر إخلاصاً، وأكثر تضحية منه. ومن هنا فُسّر قوله تعالى: ﴿... لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ...﴾(1) من قبل الإمام الصادق (عليه السلام)في حديث بقوله: «ليس يعني أكثر عملاً، ولكن أصوبكم عملاً. وإنّما الإصابة خشية الله، والنيّة الصادقة. ثمّ قال: الإبقاء على العمل حتّى يخلص أشدّ من العمل، والعمل الخالص الذي لا تريد أن يحمدك عليه أحد إلاّ الله عزّوجلّ...»(2).

وفُسِّر في حديث آخر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بقوله: «أتمّكم عقلاً، وأشدّكم لله


(1) السورة 11، هود، الآية: 7، والسورة 67، الملك، الآية: 2.

(2) تفسير البرهان 2 / 207، والكافي 2 / 16.