المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

379

شرحه وتفصيله أو بيانه وتوضيحه ؟ !

أمّا ما أشرنا إليه من أنّ الآيات المباركات ذكرت نعماً مادية مزينة بنعم معنوية يدركها أهل الدنيا ولو في صورة مصغّرة، فقد قصدنا بتلك النّعم المعنوية ما يلي:

1 ـ هم مكرَمون، ففرق بين أن يُنعَم على أحد بالفواكه والمأكولات الشهية والمشروبات اللذيذة من دون حالة الاحترام والإجلال والإكبار، وأن يُنعم على أحد بتلك النّعم مقترنةً بتلك الحالة، ولا يقاس الالتذاذ في الفرض الثاني به في الفرض الأوّل.

2 ـ الجلسة الإخوانية على سرر متقابلين، ولا يخفى على أحد أنّ التفكّه الإخواني في مجلس من هذا النمط التذاذه أشدّ من أصل الالتذاذ بالماديات الموجودة في المجلس.

3 ـ اطّلاعهم على أهل الجحيم والعذاب الموجود فيه، فالله يعلم ما يتداخلهم من السرور نتيجة المقايسة والتقابل بين ما هم فيه من النّعم العظيمة التي لا تتناهى، وعذاب الكفّار الذي لا يتناهى.

ولتوضيح الكلام أكثر ممّا مضى في درجات الإخلاص نقول: إنّه يمكن أن يذكر للإخلاص في العمل درجات:

الدرجة الاُولى: هو الإخلاص بالمعنى الذي يكون فقهياً مصححاً للعبادة، وتوضيح الأمر: أنّه لا شكّ فقهيّاً في اشتراط العبادة بالقربة، ومن هنا يقع الإشكال فيمن يأتي ببعض العبادات لهدف قضاء حاجة دنيوية: من شفاء مرض، أو دفع عدوّ، أو رفع فقر، أو ما إلى ذلك؛ إذ يقال: إنّ الهدف من هذه العبادة لم يكن هو التقرّب إلى الله، بل كان هو قضاء الحاجات، بل إنّ الإشكال يتّسع أكثر من ذلك ليشمل عبادة كلِّ من يعبد الله التماساً لثواب الآخرة أو هرباً من عذاب الله، ولم تكن عبادته عبادة الأحرار الذين يعبدون الله لكونه أهلاً للعبادة، وهذا يعني: