المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

387

أمرني ربّي أن لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري.

وقال: وتصعد الحفظة بعمل العبد أعمالاً بفقه واجتهاد وورع، له صوت كالرعد، وضوء كضوء البرق، ومعه ثلاثة آلاف ملك، فيمرّ بهم إلى ملك السماء السابعة فيقول الملك: قف، واضرب بهذا العمل وجه صاحبه، أنا ملك الحجاب أحجب كلّ عمل ليس لله، إنّه أراد رفعة عند القوّاد، وذكراً في المجالس، وصوتاً في المدائن، أمرني ربّي أن لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري ما لم يكن خالصاً.

قال: وتصعد الحفظة بعمل العبد مبتهجاً به من خُلُق حسن وصمت وذكر كثير تشيّعه ملائكة السماوات السبعة بجماعتهم، فيطؤون الحجب كلّها حتّى يقوموا بين يديه، فيشهدوا له بعمل صالح ودعاء، فيقول الله: أنتم حفظة عمل عبدي، وأنا رقيب على ما نفسه عليه، لم يردني بهذا العمل عليه لعنتي، فيقول الملائكة: عليه لعنتك ولعنتنا.

قال: ثُمّ بكى معاذ، وقال: قلت: يا رسول الله ما أعمل ؟ قال: اقتدِ بنبيّك يا معاذ في اليقين، قال: قلت: إنّك أنت رسول الله وأنا معاذ بن جبل، قال: وإن كان في عملك تقصير يا معاذ فاقطع لسانك عن إخوانك وعن حملة القرآن، ولتكن ذنوبك عليك لا تحملها على إخوانك ولا تزكّ نفسك بتذميم إخوانك، ولا ترفع نفسك بوضع إخوانك، ولا تراءِ بعملك، ولا تدخل من الدنيا في الآخرة، ولا تفحّش في مجلسك؛ لكي يحذروك بسوء خلقك، ولا تناج مع رجل وعندك آخر، ولا تتعظّم على الناس فيقطع عنك خيرات الدنيا، ولا تمزّق الناس فتمزّقك كلاب أهل النار، قال الله: ﴿وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطاً﴾(1) أتدري ما الناشطات ؟ كلاب أهل النار تنشط اللحم والعظم، قلت: من يطيق هذه الخصال ؟ قال: يا معاذ أما إنّه يسير على من يسّر الله عليه» قال: وما رأيت معاذاً يكثر من تلاوة القرآن كما يكثر تلاوة هذا


(1) السورة 79، النازعات، الآية: 2.