المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

408

وقوّته إلى حول الله وقوّته. وأمّا التسليم فيشتمل زائداً على ذلك على الفناء في علم الله والاعتراف بالجهل.

وعلى أيّة حال، فقد قال بعض العرفاء المنحرفين عن خط اهل البيت (عليهم السلام): إنّ الصفات الأربع الأخيرة أعني: التوكّل والتفويض والثقة والتسليم كلُّها من الدرجات الرفيعة لعامة الناس. وأمّا الخاصّة فيتجاوزون هذه المقامات لما فيها من الاعتلال؛ لأنّها جميعاً مشتملة على نسبة الأشياء إلى غير الحقِّ تعالى جهلاً بحقائق الاُمور؛ إذ لولم تنتسب الأشياء إلى غير الحقِّ ففي ماذا يتحقّق التوكّل أو التفويض أو الثقة أوالتسليم ؟ ! إلاّ أنّ التوكّل يشتمل زائداً على ذلك على نقطة ضعف اُخرى، وهي: أنّ المتوكّل فرض مصالحَ لنفسه، فجعل الحقَّ وكيلاً عنه في تلك المصالح، فالتوكّل أدنى مرتبة من التفويض؛ لأنّ علله أكثر منه، كما أنّ التفويض أدنى مرتبة من التسليم؛ لأنّ التسليم يشتمل على الفناء في علم الله والاعتراف بالجهل، في حين أنّ التفويض غير مشتمل على ذلك، فالتسليم أقرب إلى التوحيد الذاتي(1).

أقول: قد اتَّضح بطلان هذا الطرز من التفكير ممّا شرحناه في بحث التوكّل فلا نعيد.

ونضيف هنا: أنّ المقصود بالتوحيد الذاتي لو كان وحدة الوجود بالمعنى الذي ينكر الوجود المغاير لوجود الله للممكنات حتّى بمعنى الوجود التبعي والتعلّقي وقد يُسمّى بوحدة الموجود، فهذا ما أوضحنا بطلانه في محله، وليس هنا مجال بحثه.

 


(1) راجع شرح منازل السائرين للكاشاني: 82 ـ 83 .