المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

446

السود يبدو في الجنّة من مسيرة ألف سنة. ثُمَّ ذكر رسول الله ثواباً عظيماً لمن قال: لا إله إلاّ الله، وسبحان الله، وبحمده، وهنا نزلت السورة(1).

فبالله عليك أيّ مناسبة بين موردي النزول هذين والخصوصيات المفروضة في الآية: من النذر وإطعام المسكين واليتيم والأسير ؟ !

والسورة أو ـ في الأقلِّ ـ الآيات المربوطة مدنيَّة بإجماع مفسّري الشيعة، وعلى المشهور لدى السنّة، ولكن تجد متعصبّاً يرى أنَّها مكّية؛ كي ينكر نزولها بشأنهم(عليهم السلام)؛ باعتبار أنَّها لو كانت نازلة بشأنهم لكان نزولها بعد ميلاد الحسن والحسين(عليهما السلام)، فلابدَّ أن تكون مدنية. ولكن بالله عليك أين كان الأسير في مكّة ؟ ! أوليس ذكر الأسير شاهداً عى مدنيَّة الآيات ؟ !(2).

وكأنَّ في ذكر الأسير شاهداً على فضيلة الإيثار حتّى إذا كان إيثاراً لكافر؛ وذلك على أساس عاطفة الإنسانيّة.

وهناك نكتة في هذه الآيات الشريفة تلفت النظر، وهي: أنّ آيات القرآن الشارحة لنعم الجنّة بشيء من التفصيل لا تخلو ـ عادة ـ من ذكر الحور العين، في حين أنّ هذه الآيات على شرحها الوافي لنعم الجنّة خلت من ذكرها، وكأنَّ ذلك بسبب أنَّ هذه الآيات وردت بشأن فاطمة وبعلها وبنيها، فوقع فيها التجنّب عن ذكر الحور العين إجلالاً و إعظاماً للزهراء سلام الله عليها.

وقد ورد في بعض الروايات: أنَّ جاريتهم فضّة ـ أيضاً ـ داخلة في هذه القِصَّة، ومشمولة للآيات المباركات(3) ومن هنا قال الشيخ العارف بالله جوادي آملي حفظه الله: إنَّ هذه الآيات يفترض بها أن تبيِّن مقاماً مناسباً حتّى لأدناهم في


(1) جاء نقل القِصّتين في تفسير «نمونه» 25 / 345 ـ 346 عن الدر المنثور 6 / 297.

(2) راجع تفسير «نمونه» 25 / 328 ـ 330، وص: 345 ـ 348.

(3) راجع البحار 35 / 237 ـ 240.