المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

448

لينزل فيّ ما نزل في عليّ بن أبي طالب فما نزل(1) ولم يَعرِف هذا الرجل: أنَّ العمل لنزول آية غير العمل لوجه الله، وأنَّ المهمّ في عمل أميرالمؤمنين(عليه السلام)كان إخلاصه وعبوديّته لله، ولم يفعل ما فعله بطمع نزول آية بشأنه. وقد ورد في بعض الأحاديث: كان في خاتمه(عليه السلام) الذي أعطاه للسائل: سبحان من فخري بأ نِّي له عبد(2). فطبيعي أنَّ الآية تنزل بشأن من لا يفتخر بولايته ومقامه وعظمته، وإنَّما يفتخر بعبوديّته لله، ولا تنزل بشأن مَن يعمل بطمع نزول آية؛ كي يفتخر بها.

ولنعم ما قاله حسّان بن ثابت:

أبا حسن تفديك نفسي ومهجتي
وكلُّ بطيء في الهدى ومسارعِ
أيذهبُ مدحي والمحبّرُ ضائعٌ
وما المدحُ في جنبِ الإلهِ بضائعِ
فأنتَ الذي أعطيتَ إذ كنتَ راكعاً
فدتكَ نفوسُ القومِ يا خيرَ راكعِ
فأنزلَ فيك الله خيرَ ولاية
وبيّنها في محكماتِ الشرائعِ(3)

2 ـ قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ...﴾(4).

أفليس اجتماع الخصوصيّات الثلاث في هذه الآية دليلاً على إشارتها إلى نصب إمامنا أميرالمؤمنين(عليه السلام) وليّاً للمسلمين ؟ ! وهي: أوَّلاً: أنَّ الشيء الذي أمر الله نبيّه بتبليغه شيء كان يتثاقل النبيّ(صلى الله عليه وآله) في تعجيله حتّى جاء هذا التأكيد الغريب من الله تعالى على ذلك. وثانياً: أنّه سنخ أمر يكون عدم إبلاغه في حكم عدم إبلاغ الرسالة كلِّها. وثالثاً: أنَّ الله تعالى وعد رسوله بالأمن ممَّا كان يخافه(صلى الله عليه وآله)من أذى


(1) البحار: 35 / 183.

(2) المصدر السابق: ص 197.

(3) المصدر السابق.

(4) السورة 5، المائدة، الآية: 67.