المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

500

اللحاق بهم أو الرجوع إلى الدنيا ؟ قال: فقال أبوعبدالله(عليه السلام): أما رأيت شخوصه(1)ورفع حاجبيه إلى فوق من قوله: لا حاجة لي إلى الدنيا، ولا الرجوع إليها ! ويناديه مناد من بطنان العرش يسمعه ويسمع من بحضرته: يا أيتها النفس المطمئنَّة إلى محمَّد ووصيّه والأئمَّة من بعده، ارجعي إلى ربِّك راضية بالولاية مرضيَّة بالثواب، فادخلي في عبادي مع محمَّد وأهل بيته، وادخلي جنَّتي غير مشوبة»(2).

وللمجلسي(رحمه الله) توجيه رابع لتردُّد الله في موت عبده المؤمن، وهو: توجيهه بمسألة البداء بالمعنى المعقول عندنا، فيكون التردُّد إشارةً إلى المحو والإثبات في لوحهما؛ فإنَّه يكتب أجله في زمان وآن فيدعو المؤمن لتأخيره، أو يتصدَّق فيمحو الله ذلك، ويؤخِّره إلى وقت آخر، فهو يشبه فعل المتردِّد أُطلِق عليه التردُّد على وجه الاستعارة(3).

وللسيّد الإمام الخمينيّ(رحمه الله) توجيه خامس لذلك، وهو: حمله على نسبة تردُّد المؤمن إلى الله على حدِّ ﴿... مَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللّهَ رَمَى ...﴾(4) أي: أنَّ هذا من باب انتساب أفعال العبيد إلى الله على أساس الأمر بين الأمرين(5) ثُمَّ ذكر (رحمه الله)تكملةً للمطلب ببيان تفسير جديد للتردُّد بالنسبة للمؤمن، وهو: أنَّ العباد إمَّا أن يكونوا عرفاء وأولياء لله، وينخرطوا لدى سيرهم إلى الله في مسلك أصحاب القلوب، فيكونون مجذوبين للحقِّ، وتوَّاقين لجماله الذي لا مثيل له، ومستقبلين


(1) شخص الميت بصره وببصره: رفعه.

(2) البحار 6 / 162 ـ 163. وفسَّر المجلسي(رحمه الله) «غير مشوبة» بمعنى: كون الجنّة غير مشوبة بالمحن والآلام.

(3) مرآة العقول 10 / 385.

(4) السورة 8، الأنفال، الآية: 17.

(5) الأربعون حديثاً للسيّد الإمام(رحمه الله)، ترجمة السيّد محمَّد الغرويّ: 521.