المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

507

وأصل نعمة الوجود من الله، ونعم الآفاق والْأَنْفُسَ من الله، والنعم التي تصلنا من المخلوقين إن هي إلاّ بتوفيق الله وقدرته وإلهامه وتسهيله وتقديره، فالمنعم الحقيقي الكامل إن هو إلاّ الله، فهو المستحقُّ للحبِّ وللشكر والثناء. وهذا القسم من الحبِّ لله هو المناسب لمستوى عامَّة المؤمنين، وعلى هذا الأساس أُكِّد عليه في بعض الروايات، وذلك من قبيل: ما ورد عن جابر، عن الباقر(عليه السلام) قال: «أوحى الله ـ تعالى ـ إلى موسى(عليه السلام) أحببني وحبِّبني إلى خَلْقي، قال موسى: يا ربِّ، إنَّك لتعلم أنَّه ليس أحد أحبَّ إليَّ منك، فكيف لي بقلوب العباد ؟ ! فأوحى الله إليه فذكِّرهم نعمتي وآلائي، فإنَّهم لايذكرون منِّي إلاّ خيراً»(1).

وعن النبيِّ(صلى الله عليه وآله) قال: «قال الله ـ عزَّوجلَّ ـ لداود(عليه السلام) أحببني وحبِّبني إلى خَلْقي، قال: يا ربِّ، نعم أنا أُحبُّك، فكيف أُحبِّبك إلى خَلْقك ؟ قال: اذكر أياديَّ عندهم، فإنَّك إذا ذكرت ذلك لهم أحبُّوني»(2).

القسم الرابع: حبُّ مَنْ هو مستحقّ للحبِّ سواءٌ أحسن إلينا أو لا، وهو مَنْ يستجمع صفات فاضلة، والجمال الباطني والمعنوي، ولا جامع لجميع الكمالات والجمالات والفضائل إلاّ الله تعالى، وجميع جمال المخلُوقين وكمالهم إن هو إلاّ ترشحاً من بحر جماله.

قال آية الله الشيخ المشكيني حفظه الله: إنَّ أحد الشعراء قال: (حسن يوسف در دو عالم كس نديد) ثُمَّ عجز عن تكميل البيت، فطلب ممَّن كان أشعر منه تكميل البيت فأجابه: (حسن آن دارد كه يوسف آفريد).

اللَّهمّ إنِّي أسألك من جمالك بأجمله، وكلُّ جمالك جميل، اللَّهمَّ إنِّي أسألك بجمالك كلِّه.


(1) البحار 70 / 22.

(2) المصدر السابق.