المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

511

زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاء لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ ...﴾ يحتمل فيه احتمالان:

أحدهما ـ أن يكون المقصود: زعمهم أنَّهم يحبُّون الله فإن كانوا صادقين في زعمهم فعليهم أن يتمنُّوا لقاء حبيبهم بالموت.

والثاني ـ أن يكون المقصود: زعمهم أنَّ الله يحبُّهم فإن كانوا صادقين في زعمهم فعليهم أن يتمنُّوا الموت؛ كي يصلوا إلى ثواب مَنْ يحبُّهم.

والاحتمال الثاني هو الأقوى؛ لما ورد في مورد آخر من القرآن خطاباً لليهود قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآخِرَةُ عِندَ اللّهِ خَالِصَةً مِّنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ * وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمينَ﴾(1).

ويؤيِّد ذلك ـ أيضاً ـ قوله تعالى: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء ...﴾(2).

وعلى أيَّة حال، فمن علامات حبِّ الله تعالى ما يلي:

الاُولى: تمنِّي الموت، إمَّا لأنَّه بالموت يحصل لقاء الله تعالى، وإمَّا لأنّه بالموت يصل إلى ما أعدَّ الله له من الثواب الجزيل. ومن المحتمل أن يكون ممَّا يشير إلى هذه العلامة ما ورد في نهج البلاغة عن إمامنا أميرالمؤمنين(عليه السلام): «... والله لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بثدي أُ مِّه ...»(3).

وورد ـ أيضاً ـ في الحديث: «لمَّا اشتدَّ الأمر بالحسين بن عليّ بن أبي طالب نظر إليه مَنْ كان معه، فإذا هو بخلافهم؛ لأنَّهم كُلَّما اشتدَّ الأمر تغيَّرت ألوانهم،


(1) السورة 2، البقرة، الآيتان: 94 ـ 95.

(2) السورة 5، المائدة، الآية: 18.

(3) نهج البلاغة: 34، رقم الخطبة: 5.