المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

514

فقال: بلى، ولكن الأمر ذو درجات، وكأنَّ إيمان الحاج آقا حسين القمِّي بذلك إيمانٌ عن مشاهدة وحسّ.

الثانية: من علامات حبِّ الله أن ينغمر في طاعة الله، ويبتعد عن معصيته، كما مضى في البيتين المرويين عن الصادق(عليه السلام)، وكما مضى في الآية الشريفة: ﴿قُلْ إِنْ كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي ...﴾(1) فإنَّ مَنْ يطيع الله طمعاً في الثواب، أو خوفاً من العقاب، قد تغلب عليه المغريات، أو تضعف نفسه أمام الشهوات، فيغلبه الهوى، ويرجّح كفة اللذائذ العاجلة على النعيم الآجل، أو على الاحتراز من العذاب الآجل. أمَّا الذي ذاق طعم محبَّة الله فلا شيء أطعم عنده من تحصيل رضاه، حتّى ولو اجتمعت عليه المغريات جميعاً.وسلام الله على إمامنا الذي قال: «... والله لو أُعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلته ...»(2).

نعم، إنَّ مَنْ ذاق طعم محبَّة الله إلى حدّ العشق والهيام، أصبح معصوماً من الذنوب ما دام كذلك، ولذا ورد في دعاء كميل: «... واجعل لساني بذكرك لهجا، وقلبي بحبِّك متيَّما...» (يعني: معبَّداً مذلَّلاً).

ولا يفوتني أن أُشير إلى أنَّ الإيمان بالجنَّة والنار لو وصل إلى مستوى « ... فهم والجنَّة كمن قد رآها، فهم فيها منعّمون، وهم والنار كمن قد رآها فهم فيها معذّبون ...»(3) كان ـ أيضاً ـ موجباً للعصمة من الذنوب ما دام كذلك. وسلام الله على إمامنا الذي قال لأخيه: «... ثكلتك الثواكل يا عقيل ! أتئنُّ من حديدة أحماها إنسانها للعبه، وتجرُّني إلى نار سجّرها جبّارها لغضبه ! أتئنُّ من الأذى


(1) السورة 3، آل عمران، الآية: 31.

(2) نهج البلاغة: 473، رقم الخطبة: 224.

(3) خطبة المتقين في نهج البلاغة: 410، رقم الخطبة: 193.