المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

521

بحلاوت بخورم زهر كه شاهد ساقى است
به ارادت بكشم درد كه درمانم از اوست(1)

ومن هنا وقع الكلام لدى بعض العلماء في أَنَّه ما معنى الصبر الذي نُسِبَ في الروايات إلى أئمّتنا المعصومين(عليهم السلام)؟! وذلك من قبيل ما ورد بشأن الحسين(عليه السلام): « قد عجبت من صبرك ملائكة السماوات...»(2) في حين أنَّهم(عليهم السلام)كانوا بالغين مرتبة الرضا، فتحمُّلهم للرزايا والمحن كان بحلاوة الرضا بقضاء الله، كما ورد عن الحسين(عليه السلام) قوله: « هوَّن عليَّ ما نزل بي أنَّه بعين الله...»(3)، وقد مضى الحديث القائل بشأن الحسين وأصحابه: كانوا كُلَّما اشتدَّ الأمر تشرق ألوانهم، وتهدأ جوارحهم، وتسكن نفوسهم(4)، ومع تمكُّن الرضا من القلب لا يبقى موضع للصبر.

وقد أجاب عن ذلك بعضهم الذي أشرنا إليه وهو: المرحوم الشيخ عليّ أكبر النهاوندي(رحمه الله) بأجوبة لعلَّ أحسنها جوابان:

الأوَّل: أن يكون المقصود بالصبر المعنى الأعمّ للصبر الشامل للرضا بالرزايا والمحن في جنب الله تعالى.

والثاني: أن يكون إطلاق مقام الرضا بشأنهم بلحاظ جنبتهم التي تلي الربّ، وهي: جنبة روحانيَّتهم ونورانيَّتهم. وإطلاق مقام الصبر بشأنهم بلحاظ جنبتهم التي تلي الخَلْق، وهي: جنبة البشريَّة.

وأقول: إنَّ الجواب الثاني هو الأقوى؛ فإنَّ الإنسان الكامل هو الواجد لكلتا الجنبتين. وقد مضى منَّا في بحث الصبر توضيح أَنَّ الصبر لا ينافي مقام المحبَّة، والتي هي تنشئ الرضا.


(1) خزينة الجواهر: 132 ـ 133.

(2) بحار الأنوار 101 / 322.

(3) بحار الأَنوار 45/46.

(4) راجع بحار الأنوار 6/154، و44/297.