المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

523

السابعة: من علامات حبِّ الله انقطاع قلب المحبِّ إلى الله. وقد ورد في مصباح الشريعة عن الصادق(عليه السلام): « العارفُ شخصُهُ مع الخَلْق، وقلبه مع الله، لو سها قلبه عن الله طرفة عين لمات شوقاً إليه...»(1).

وقيل في الحبّ البشري المجازي التافه: إِنَّ الشيخ الرئيس أبا عليٍّ بن سينا كان في فترة من الزمن في جرجان لدى رجل فاضل عظيم، كان يحبُّ الحكماء، واسمه قابوس، واتَّفق أنَّه ابتلى أحد أقرباء قابوس بمرض مزمن عجزت عن معالجته الأطباء، فأمر قابوس بإحضار الشيخ الرئيس لدى هذا المريض، فحضر الشيخ الرئيس عند المريض، فرآه رجلا شابَّاً، حسن الوجه، متناسب الأعضاء، ولكنَّه هزيل البدن، شاحب اللون. ففحص نبضه، وطلب رجلا يعرف محلاَّت البلد ومواضعها معرفة جيِّدة، فأتوا له بإنسان من هذا النمط، فسأله الشيخ الرئيس عن أسماء محلاّت البلد ـ وهو آخذ بيد المريض وقابض على نبضه ـ فذكر له ذلك الرجل أسماء محلاّت البلد إلى أَن وصل إلى اسم معيَّن لتلك المحلاَّت، فاضطرب نبض المريض بحركة فجائيَّة، فقال الشيخ لذاك الرجل: اذكر لي بيوت هذا المحلِّ، فذكر الرجل تلك البيوت واحداً واحداً إلى أن تحرّك نبض المريض حركة أُخرى، فقال الشيخ: اذكر لي أسماء الساكنين في هذا البيت، فذكر الأسماء وإذا بنبض المريض تحرَّك مرّة ثالثةً لدى ذكر اسم معيَّن من بنات هذه العائلة. وبهذا انتهى فحص الشيخ عن حال هذا المريض، وذكر لمعتمدي قابوس: أَنَّ هذا الشاب قد عشق بنتاً اسمها كذا في المحلَّة الفلانيَّة والبيت الفلاني. ودواؤه وصال مَنْ أحبَّه. ففحصوا عن الأمر، وتبيَّن صدق الشيخ الرئيس في كلامه، فأخبروا قابوساً بذلك، فأحضر قابوس الشيخ، واستفسره عن طريقة كشفه لحقيقة الحال؟ فقال الشيخ: لمَّا نظرت في وجه هذا الشاب، وفحصت نبضه، علمت أنَّ مرضه مرض العشق


(1) المصدر السابق 3 / 14.