المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

524

الدفين، والذي أبقاه سرَّاً في نفسه، فأنهكه السرُّ ثُمَّ اكتشفتُ الشخص المحبوب عن طريق ذكر أسماء المحلاَّت والبيوت وأفراد العائلة، بعلامة اضطراب نبضه لدى ذكر اسم المحلَّة المخصوصة والبيت المخصوص والفرد المخصوص.

فقال قابوس: إنَّ هذا ابن أُخت لي، وتلك بنت أُخت لي، فأوقعوا النكاح بينهما(1).

فإذا كان هذا حال العشق المجازي التافه بين الناس، فما حال الحبِّ الحقيقي لله سبحانه وتعالى؟!

وفي الختام أُؤكّد أمرين:

الأوّل: ليس المقصود بالانقطاع إلى الله ما يشتمل على الانطواء عن حياة الدنيا، والاعتزال عن المجتمع كما قد يفهمه بعض الناس، فإنَّ من شأن محبَّة الله أن يُطبِّق الإنسان ما أراده الله تعالى من مسألة خلافة الله على وجه الأرض، وإنَّما المقصود به أنَّ العارف بالله يتلوَّن ـ كلّ الحياة عنده ـ بلون الله تعالى، فلا يفعل شيئاً إلاَّ لله، وبالطريقة التي فيها مرضاة الله.

ولنعم ما قاله اُستاذنا الشهيد(رحمه الله)(2): من أنَّه تختلف الشريعة الإسلاميّة عن اتِّجاهين دينيين آخرين وهما:

أوّلا: الاتِّجاه إلى الفصل بين العبادة والحياة.

ثانياً: الاتِّجاه إلى حصر الحياة في إِطار ضيِّق من العبادة كما يفعله المترهبنون والمتصوِّفون.

أمّا الاتِّجاه الأوَّل الذي يفصل بين العبادة والحياة: فيدع العبادة للأماكن الخاصَّة المقرَّرة لها، ويطالب الإنسان بأن يتواجد في تلك الأماكن؛ ليؤدِّي لله


(1) خزينة الجواهر: 133 ـ 134.

(2) راجع نظرة عامّة في العبادات في آخر كتاب الفتاوى الواضحة.