المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

542

وكلُّ هذه الجزاءات مجتمعة لا تصنع شيئاً مُهمّاً ما لم يُضم إليها الجزاء الرابع.

4 ـ الجزاء الأُخروي من: ﴿جَنَّة عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾(1)، ﴿... جَنَّات تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْن وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ...﴾(2)، ﴿وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ﴾(3)، ﴿لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ﴾(4)، ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذ بَاسِرَةٌ * تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ﴾(5).

وهذا الجزاء هو الذي بشَّرت به الأديان السماويّة. والدين السماوي غير المنحرف منحصر اليوم بالإسلام. فالإسلام وحده هو الكفيل بحلِّ مشكلة الأخلاق. ولولا ما في الإسلام من الجزاء الأُخروي لم تكن باقي الجزاءات بما فيها الجزاء الخُلُقي كافياً للوصول إلى الكمال. نعم، يستعين الإسلام بسائر الجزاءات وبأساليب التربية، لكن الأَساس هو موضوع الجزاء الأُخروي.

وبعد البناء على هذا الأساس، واتِّباع أساليب التربية قد يصل الإنسان المربّى إلى مستوىً تكفي في تحرّكه الضرورة الخُلُقية وأن الله ـ تعالى ـ أهل للعبادة.

ولا أقصد أنَّ الجزاء الأُخروي علَّة تامَّة للتربية، فما أكثر المؤمنين بجزاء الآخرة الذين لا يردعهم هذا الإيمان من الفسق والفجور، والأعمال القبيحة، أو ترك الواجبات والخصال الشريفة، وإنَّما المقصود: أنَّ الإيمان بالمبدأ والمعاد وحده هو الذي يمكِّن الإنسان من تربية ذاته لو شاء.

وبكلمة أُخرى: إنَّ أساس المشكل هو الشهوات والإغراءات، ولو لم تقابَلْ


(1) السورة 3، آل عمران، الآية: 133.

(2) السورة 9، التوبة، الآية: 72.

(3) السورة 83، المطفِّفين، الآية: 26.

(4) السورة 37، الصافّات، الآية: 61.

(5) السورة 75، القيامة، الآيات: 22 ـ 25.