المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

546

وثانياً: قد مضى أنَّ الإسلام يعالج مشكلة الشهوات في جملة من أساليبه العلاجيَّة بتلبية تلك الشهوات بالوسائل المباحة، في حين أنَّ انحسار الإسلام عن وجه الأرض يُفني هذا العلاج، فيتفاقم المشكل. ومن الواضح أنَّ ميول الإنسان ورغباته النفسيَّة وعواطفه الطبيعيّة، لا يمكن تحدّيها والتغاضي عنها في أيِّ نظام يفترض نظاماً تكاملياً للإنسان. وكلُّ حلٍّ يقوم على أساس تجاوزها أو قتلها ليس ـ بشكل عامٍّ ـ عدا حلّ خيالي وطوبائي ووهمي، بل لا بدَّ من إشباع تلك الرغبات بالقدر المعقول عن طريق مشروع، وهذا ما يقوم به الإسلام، ومع تقوُّض الكيان الإسلامي يصبح هذا عسيراً أو غير ممكن.

وثالثاً: إنَّ فساد المجتمع يُكثِر المغريات، ويزيد إيحاءات الفساد والشرِّ، ممّا يؤثّر تأثيراً معاكساً في تربية النفوس، فينتقل الشخص من جوِّ البيت الفاسد إلى جوِّ المدرسة الفاسدة، وإلى جوِّ الأسواق والشوارع المغرية، أو الملاهي والمقاهي الملهية، وما إلى ذلك، فحتّى لو فُرضَ أنَّه يُوفَّق أحياناً للاستفادة من الوسائل المربية كقراءة القرآن، أو دعاء الليل، أو سماع وعظ واعظ، أو ما إلى ذلك، يكون ذاك الجوّ الفاسد العامّ هو الغالب عليه والمؤثِّر فيه.

ورابعاً: إنَّ هذه المشكلة وهي: فساد المجتمع وتقوُّض الكيان الإسلامي، تؤثّر في تكوين أو تشديد المشاكل الأُخرى الآتية.

 

2 ـ الجهل بحقيقة الإسلام:

وهذا في الغالب ينشأ من المشكلة الأُولى، وهو: انحسار الإسلام عن ساحة الحياة، وتقوُّض الكيان الإسلامي. وقد ينشأ من عدم وجود التبليغ الإسلامي بقدر الكفاية. فالإسلام نظام كامل شامل للحياة، وفيه حلول جميع المشاكل الحياتيّة والاقتصاديّة والسياسيّة والاجتماعيَّة وما إلى ذلك، ومن يجهل بذلك يضطرُّ أن يأخذ في كثير من تصرّفاته ومرافق حياته بنُظُم غير إسلاميَّة، وعلى هذا الأَساس