المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

552

ويسبّ عليّاً(عليه السلام) ويذمّه، ووعده أن يعطيه جائزة عظيمة على ذلك. فلبّاه عمرو بن العاص، وصعد المنبر، فلمّا همّ بالأمر جُسّد أمامه حيوانٌ كجثّة بعير، وبارتفاع المنبر فاتحاً فمه مهدّداً له ببلعه مع المنبر لو أساء إلى عليّ(عليه السلام)، فاضطرب عمرو بن العاص وأنشأ يقول:

بآل محمّد عُرف الصوابُ
وفي أبياتِهم نزل الكتابُ
وهم حجج الإله على البرايا
بهم وبجدّهم لا يسترابُ
وهم كلماتُ آدم إذ تلاها
فتاب بها عليه واستجابُ
ولا سيّما أبا حسن عليّاً
له في الحرب مرتبةٌ تهابُ
طعام سيوفه مهجُ الأعادي
وفيض دما الرقاب لها شرابُ
فضربته كبيعته بخمّ
معاقدها من القوم الرقابُ
وبين سنانه والدرع صلحٌ
وبين البيض والبيض اصطحابُ
عليٌّ هازم الأحزاب جمعاً
هو الساقي على الحوض الشرابُ
عليُّ التبر والذهب المصفّى
وباقي الناس كلّهم ترابُ
إذا لم تَبْرَ من أعدا عليّ
فمالك في محبّته ثوابُ
هو البكّاء في المحراب ليلا
هو الضحّاك إن طال الحرابُ
هو النبأ العظيم وفلك نوح
وباب الله وانقطع الخطابُ

فأمره معاوية بالنزول عن المنبر، وعاتبه على ما فعل، فقصّ له عمرو بن العاص قصّة ما رآه من الحيوان وقال: إنّ هذا أورث خوفاً عظيماً عندي، وأنشأت هذه الأبيات من غير قصد، وأنت تعلم العداوة والبغضاء الموجودتين بيني وبين عليّ بن أبي طالب. فإن شئت أعطيتني الجائزة التي وعدتني بها، وإن شئت منعتها عنّي، فقال معاوية: اُعطيك نصف تلك الجائزة(1).


(1) أنوار المواهب: 338 ـ 339.