المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

555

وجدها، ويجب أن يتقبّل الحقّ ولو كان عند من هو أدون منه بمراتب. والجمع بينهاتين الصفتين صعب على الإنسان الاعتيادي.

السادس: التـواضع أو الحلم من ناحية، وعدم الخنوع للظلم والهوان من قبل أعداء الله من ناحية أُخرى؛ فقد يصعب على النفس الجمع بين الأمرين؛ فالتواضع أو الحلم إن انحرف عن مسيره الصحيح، تحوّل إلى الخنوع لظلم الظالمين وجور الجائرين، كما أنّ عدم الخنوع للظلم والجور إن انحرف عن مسيره الصحيح، تحوّل إلى التبختر والعجب. في حين أنّه لا توجد أيُّ منافاة واقعية بين تلكما الفضيلتين.

وبإمكانك أن تمثّل بكلّ صفتين متضادتين كان التوفيق بينهما باختلاف الموارد، كالشجاعة والإقدام في موردها، والتقيّة والاحتياط في مورد آخر. وأن تمثّل بالتجنب عن الإفراط مع التجنب عن التفريط في كلّ ما يحسن فيه التجنبُ عنهما، كترك البخل وترك الإسراف ﴿وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَّحْسُوراً﴾(1).

ولتجمّع كلّ الصفات الفاضلة ـ التي قد يرى الوهم تضادّاً بينها ـ في إمامنا أمير المؤمنين(عليه السلام)، وصفه الشاعر باجتماع الأضداد في صفاته حينما قال:

جمعت في صفاتك الأضداد
فلهذا عزت لك الأندادُ
زاهدٌ حاكم حليم شجاع
فاتك ناسك فقير جوادُ
أنت سرّ النبيّ والصنو وابن
العم والصهر والأخ السجّادُ
لو رأى مثلك النبيّ لآخاه
وإلاّ فأخطأ(2) الانتقادُ(3)
 


(1) السورة 17، الإسراء، الآية: 29.

(2) الأولى أن يقال: (لم ينصف الانتقاد)، كي لا نتورّط في إدخال الفاء على الجزاء القابل للشرطية نتيجة ضرورة الشعر.

(3) أنوار المواهب: 358.