المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

564

الرابع: ضرورة علاج العادة السيّئة لو تكوّنت فوراً ففوراً؛ إذ كُلّما مضى عليها الزمان استحكمت أكثر فأكثر.

ومن الخطأ الفاحش تأجيل التوبة الموجب لرسوخ أثر الذنب في النفس واستحكامه، وتحوّله إلى العادة لو لم تتكوّن بعد، وتأثيره في اشتداد العادة لو كانت قد تكوّنت، على أنّ المذنب لا يضمن لنفسه إمهال الموت إيّاه للتوبة، وكذلك عدم تعرضه لموانع أُخرى. ولو تاب وأصلح فقد خسر على أيّ حال ذاك المقطع من عمره. وقد مضى منّا بحث التوبة مفصلا في أوّل الحلقة الثالثة من كتابنا هذا، فلا نفصّل الكلام مرّة أُخرى، إلاّ أنّنا نزيّن المقام هنا برواية واحدة من روايات التوبة عن الإمام الباقر سلام الله عليه قال: « سئل رسول الله(صلى الله عليه وآله) عن خيار العباد فقال: الذين إذا أحسنوا استبشروا، وإذا أساؤوا استغفروا، وإذا أُعطوا شكروا، وإذا ابتلوا صبروا، وإذا غضبوا غفروا»(1).

وعلاج العادة صعب مستصعب بالأخص إذا استفحلت، فلو أنّ أحداً فاتته العلاجات الوقائية كتربية الأبوين، أو انتهاجه هو منهج الرفع قبل الدفع، وخانته ارادته إلى أن وقع في الفخّ، فهناك نصائح تقدّم لمن يريد العلاج لعادة سيّئة موجودة فيه، ونحن نذكرها مع تنقيحات من ناحية، وإضافات من ناحية أُخرى. وهذه النصائح على قسمين:

القسم الأوّل: ما يقدّم لمن يرى في نفسه القدرة على محاربة العادة بشكل مباشر ومعاكستها. وهذا القسم من النصائح كما يلي:

1 ـ إنّ الإنسان تختلف حالاته النفسيّة من ساعة إلى ساعة ومن زمان إلى زمان، فقد تحصل له حالة الصحوة والانتباه والتوجّه إلى الحقّ وحالة الصفاء الروحي، وأُخرى تزول عنه هذه الحالة، وإنّ للقلوب إقبالا وإدباراً. فهذا المبتلى


(1) وسائل الشيعة 16 / 67، الباب 85 من جهاد النفس، الحديث 8 .