المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

565

بالعادة السيّئة ينبغي له أن يختار ساعة الصحوة والانتباه، ويستغلّها في سبيل العزم القويّ على ترك تلك العادة السيّئة والنيّة الصارمة لمخالفتها، فإنّ نفس النيّة الصارمة والعزم القويّ الذي لا يشوبه ريب وتردّد يقوّي قدرة النفس على محاربة العادة وتركها.

وقد مضت في أوائل الحلقة الثانية من حلقات هذا الكتاب قصّة أحد قطّاع الطريق اسمه فضيل بن عياض: عشق جارية، فبينما يرتقي الجدران إليها سمع تالياً يتلو ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ ...﴾ فأخذته الصحوة وقال: يا ربّ، قد آن فرجع وتاب(1).

وقد مضى في أوائل الحلقة الثالثة من هذا الكتاب تفسير التوبة النصوح بالتوبة التي تخلق في النفس تغيراً وانقلاباً وتطهيراً، بشكل لن يرجع صاحبها إلى ذلك الذنب أبداً.

وخير تعبير عن التوبة النصوح تعبير ورد عن إمامنا زين العابدين سلام الله عليه في دعاء التوبة: « اللهمّ إنّي أتوب إليك في مقامي هذا من كبائر ذنوبي وصغائرها، وبواطن سيّئاتي وظواهرها، وسوالف زلاّتي وحوادثها، توبة من لا يحدّث نفسه بمعصية، ولا يضمر أن يعود في خطيئة. وقد قلت يا إلهي في محكم كتابك: إنّك تقبل التوبة عن عبادك، وتعفو عن السيّئات، وتحبّ التوابين، فاقبل توبتي كما وعدت، واعف عن سيّئاتي كما ضمنت، وأوجب لي محبّتك كما شرطت، ولك يا ربّ شرطي إلاّ أعود في مكروهك، وضماني أن لا أرجع في مذمومك، وعهدي أن أهجر جميع معاصيك...»(2).

2 ـ ينبغي أن يلتفت هذا المعتاد الذي أصبح بصدد معاكسة العادة ومحاربتها،


(1) سفينة البحار، مادّة (الفضيل)، والآية: 16 في السورة 57، الحديد.

(2) الدعاء: الواحد والثلاثون من الصحيفة السجاديّة.