المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

566

إلى أنّه لو خالف تركه للعادة مرّةً واحدةً في الأثناء، ورجع إلى عادته قبل استئصالها من نفسه، فهذه المرّة الواحدة ضررها عليه أكثر بكثير من نفع الرياضة التي يتحمّلها طوال مدّة مديدة في سبيل مخالفة العادة؛ ذلك لأنّ العمل على طبق ما اعتاد عليه باعتباره عملا موافقاً لميله ورغبته النفسيّة، وجرياً على وفق التيار المترسّخ في نفسه، يكون تأثيره على النفس، وعلى ترسيخ العادة، وإبطال أثر ما صنعه مدّة من الزمن من معارضة العادة، أشدّ بكثير من تأثير الترك في النفس.

3 ـ إذا كان يرى في نفسه العجز عن مواصلة الترك الدفعي، فليلتزم بالترك التدريجي. وإذا كان هكذا حاله فقد يكون الأفضل له ـ إن لم يكن المعتاد عليه من المحرّمات الإلهيّة ـ أن يحدّث نفسه من أوّل الأمر بالترك التدريجي، ولا يُنشئ بناءً نفسيّاً على الترك الدفعي والدائمي؛ لأنّه حينما تخونه إرادته بعد ذلك، قد يصاب بخيبة أمل، وباليأس عن العلاج، وبردّ الفعل العنيف، المانع عن القدرة على العلاج بعد ذلك.

والقسم الثاني: ما تقدّم من النصائح المشتملة على كيفيّة محاربة العادة بطريقة غير مباشرة. فلو صعبت على الإنسان محاربة العادة؛ لتمكّنها من النفس وترسّخها فيها، فبإمكانه ـ غالباً ـ أن يجهد في جوانب أُخرى خارج نطاق تلك العادة المترسّخة، ممّا يكون جهده فيها أسهل عليه من جهده في مخالفة العادة ابتداءً. وبذلك يسهل عليه كسر العادة والاشتغال بالمحاربة المباشرة. وهذه النصائح ـ أيضاً ـ تتلخّص في ثلاث:

1 ـ أن يحارب الاُمور النفسيّة أو الخارجيّة التي تبعث بتلك العادة وتنبّه إليها وتؤكّدها. فإذا لم تصبح تلك الاُمور بنفسها له عادة، أو كان تعوّده عليها أخفّ من تعوّده على العادة المقصود علاجها فمحاربته لتلك العادة الاُخرى أو للتي لم يعتد بعد عليها أصلا، تكون أسهل عليه من محاربته لعادته. وبإقصائه