المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

567

لتلك البواعث وأسباب العادة يهون عليه كسر العادة، فمثلا لا يسمح لنفسه ـ وبقدر الإمكان ـ بالتفكير فيما اعتاده وفي فوائده الظاهريّة، ولا يسمح لنفسه بقدر الإمكان بالدخول في المجالس التي تمارس فيها تلك العادة، ولا يصاحب من يتذوّق أو يمارس تلك العادة؛ فإنّ قرين السوء يزري ويؤثّر في الإنسان.

ولا أقصد طبعاً بهذا الكلام القول بحسن الابتعاد عن الفسقة، وقبح الاقتراب منهم لكلّ أحد، وفي كلّ حال حتّى فيما لو ترتّبت على ذلك هداية ذاك الفاسق، وإنّما أقصد الكلام من زاوية علاج العادة فحسب، وإصابة العدوى من صديق السوء. وعن رسول الله(صلى الله عليه وآله): «المرء على دين خليله وقرينه»(1).

وقال الله تعالى: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلاِْنسَانِ خَذُولاً﴾(2).

2 ـ أن يخلق الأجواء النفسيّة والخارجيّة المضادّة لتمركز العادة ولمبادئها، كأن يشغل نفسه بتفكير آخر حتّى لا ينشغل بالتفكير الذي يؤكّد العادة، أو يفكّر ويطالع في مضارّ تلك العادة ومفاسدها، وفي عظمة عقاب الله لو كان المعتاد عليه معصية لله تعالى، أو يعاشر الصديق الصالح، ويتردّد على مجالس الصلحاء والمتّقين ويخالطهم حتّى تصيبه العدوى الصالحة من الصديق. وما أسعد حظّ من يرافق أُناساً تذكّره مخالطتهم بالله تعالى، وتوحي إليه بحسن الأخلاق والصفاء والوفاء واتّباع رضوان الله.


(1) اُصول الكافي 2/375، و 642. والسند صحيح.

(2) السورة 25، الفرقان، الآيات: 27 ـ 29.