المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

568

وعن مصباح الشريعة عن الصادق(عليه السلام) قال: «احذر أن تواخي من أرادك لطمع أو خوف أو فشل أو أكل أو شرب. واطلب مواخاة الأتقياء ولو في ظلمات الأرض، وإن أفنيت عمرك في طلبهم؛ فإنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ لم يخلق على وجه الأرض أفضل منهم بعد النبيّين. وما أنعم الله على العبد بمثل ما أنعم به من التوفيق لصحبتهم. قال الله عزّ وجلّ: ﴿الاَْخِلاَّءُ يَوْمَئِذ بَعْضُهُمْ لِبَعْض عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ ...﴾»(1).

3 ـ القاعدة الرابعة من القواعد الأربع المذكورة في كتاب الأخلاق لأحمد أمين(2)حيث قال: حافظ على قوّة المقاومة، واحفظها حيّة في نفسك؛ وذلك بأن تتبرّع بعمل صغير كلّ يوم، لا لسبب إلاّ لمخالفة نفسك وهواك؛ لأنّ هذا يعينك على مقاومة المصائب إذا حان حينها، ويكون مثلك مثل رجل يدفع في كلّ سنة مبلغاً صغيراً تأميناً على بيته ومتاعه.

أقول: أصل تعويد النفس على مخالفة الميول تقوية للإرادة أمر صحيح، ولكن ينبغي أن يصرف هذا ضمناً في مصرف تربية النفس بالعنوان الأوّلي. وأقصد بذلك: أنّه تارة يترك الإنسان بعض ميوله ومشتهياته التي لا توجد منقبة في تركها في حدّ ذاتها، ويتدرّج في تصعيد هذا الترك ومخالفة النفس؛ لما تترتّب على ذلك من قوّة الإرادة التي يستفيد منها بعد هذا في تربية النفس من كسر عادة سيّئة أو غير ذلك، وأُخرى يختار الإنسان في نفس تركه هذا ومخالفته للنفس التدرّج في الالتزام بترك المكروهات وفعل المستحبّات. وهذا أفضل؛ لأنّه ـ إضافة إلى ما فيه من تقوية الإرادة المفيدة فيما بعد لتربية النفس ـ يكون هذا بعنوانه الأوّلي والذاتي


(1) مصباح الشريعة، الباب الواحد والسبعون في المؤاخاة، والآية 67 في السورة 43، الزخرف.

(2) كتاب الأخلاق: ص38.