المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

570

للإنسان، يقلّ في كثير من الأحيان الالتفات التفصيلي وحضور القلب حين العمل. ولا يصحُّ تدارك ذلك بكسر العادة؛ فإنّ كسر العادة الحسنة خسارة عظيمة،بل ينبغي أن يكون تداركه بأمرين:

الأوّل: التعمّد إلى إلفات النفس وتذكيرها حين الانشغال بالعمل إلى العمل وإلى الله تعالى، وتركيز الذهن على ذلك وإحضار القلب؛ فإنّ العمل القليل بالحضور خير من العمل الكثير مع تلهّي القلب. وعن رسول الله(صلى الله عليه وآله): «يا أبا ذر ركعتان مقتصدتان في تفكّر خير من قيام ليلة والقلب ساه»(1).

وعن الصادق(عليه السلام): «إذا صلّيت صلاة فريضة فصلّ لوقتها صلاة مودِّع تخاف أن لا تعود إليها»(2).

وعن طريق العامة عن رسول الله(صلى الله عليه وآله): «إنّما الصلاة تمسكن وتواضع وتضرّع وتبأس وتندّم وتقنع بمدّ يديك فتقول: اللهم اللهم، فمن لم يفعل فهي خداج»(3).

والثاني: أنّ شيئاً من الأعمال الخيّرة أو مرتبة من الصلاح إذا أصبح عادة، فليطمح الإنسان إلى المرتبة الأعلى وعمل خيريّ آخر لا يوجد فيه هذا النقص من دون أن يترك الشيء الأوّل. وبهذا يزداد الإنسان خيراً طيلة عمره.

 

5 ـ غفلة النفس عن دوافعها الحقيقيّة:

ومن غرائب النفس البشريّة أنّه يعرض عليها ـ أحياناً ـ ما يشبه الغفلة عن دوافعها الحقيقية، على رغم أنّها ـ في الحقيقة ـ من المعلومات الحضوريّة لها، فتبرّر النفس ـ أحياناً ـ ما يصدر عنها بتبرير لا واقع له، وتتخيّل أنّها مخلصة في


(1) وسائل الشيعة 4/74 ـ 75، الباب 17 من أعداد الفرائض، الحديث 13.

(2) المحجة البيضاء 1/350.

(3) المصدر السابق: ص349، وفُسّر الخداج بمعنى الناقص.