المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

573

المستكبر، فأصبح الغرب له أُبّهة في نظر المسلمين السُذّج الغافلين عمّا يعيشه الغرب ـ على رغم تقدّمه الظاهري ـ من التفسّخ المعنوي من ناحية، والتمزّق الروحي والعائلي فيما بينهم من ناحية أُخرى، وسوء العاقبة في الآخرة من ناحية ثالثة، والغافلين ـ أيضاً ـ عن أنّ ذاك التقدّم المادّي عندهم، وهذا التأخّر المادّي عند المسلمين المقهورين، ليس على أساس الحضارتين، بل حضارة الإسلام لو طبّقت لأحرزت التقدّم عليهم مادّياً أيضاً ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَات مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ ...﴾(1). وإنّما تسيطر العدوّ عليهم على أساس تركهم لمبدئهم ودستورهم، فأصبح المسلم الغافل عن هذه النكات ينظر بعين الإكبار إلى الغرب، ويحسّ بالحقارة أمام عظمته الظاهرية وهذا ممّا يميت الهمم من ناحية، ويورث حالة التقليد من ناحية أُخرى، ومن ثمّ يصدّ عن الترقي والتعالي في الأخلاق والكمالات والقيم والمثل والمعنويات.

وكذلك قد تحدث هذه الحالة لدى بعض على رغم عيشه في ظلّ الحكومة الإسلاميّة المباركة وذلك إمّا قبال الغربيين الذين لا زالوا يمتلكون قوّة ظاهريّة مادّيّة وإمّا لبعض من نفس المسلمين المستضعفين نسبياً قبال مسلم آخر أقوى منه مادّياً واقتصادياً، وأضعف منه ديناً وتقوى، فينجرّ نحو أخطائه وفسوقه نتيجة انبهاره بقدرته الماليّة والاقتصادية مثلا.

وحالة الانهيار هذه أمام الزبرجة والعظمة الماديّة هي التي جعلت المعترضين اعترضوا على رسالة رسول الله(صلى الله عليه وآله) ﴿وَقَالُوا لَوْلاَ نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُل مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيم﴾(2).


(1) السورة 7، الأعراف، الآية: 96.

(2) السورة 43، الزخرف، الآية: 31.