المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

60

شيء فلا يقال: شيءٌ فوقه، وأمام كلِّ شيء، فلا يقال: له أمام، داخل في الأشياء لا كشيء في شيء، وخارج منها لا كشيء من شيء خارج...»(1).

3 ـ «... ليس في الأشياء بوالج ولا عنها بخارج...»(2).

أقول: لابدَّ من توجيه سؤال إلى صاحب التصوير الثالث، وهو: أنّه لئن كانت الممكنات عبارة عن الهيئات التي هي شبكات مصوّرة على وجود الله تعالى، وتلك الشبكات هي اعدام بحت واعتباريات صرف، إذن، فمن المخاطب بالتكاليف الشرعيّة، هل هو ما يُرى من هذه الشبكات من وجود الله، أو نفس الشبكات التي هي اعدام، أو المجموع المركب منهما تركيباً اعتبارياً، ومن الذي يثاب، ومن الذي يعاقب، وما هو الهدف من بعث الرسل وإنزال الكتب؟! ثُمَّ ما الذي خلقه الله تعالى، هل هو المرئي بالشبكة، وهو الله تعالى، أو نفس الشبكة الذي هو عدم محض، أو إنَّ المقصود بالخلق هو مجرّد الاعتبار الذي لا يكون وحده إلاّ لعباً، وهو يقول: ﴿ وَمَا خَلَقْنا السَّماءَ والأرْضَ وَمَا بَيْنَهُما لاَعِبينَ﴾(3).

أمّا حديث كون الوجود التعلُّقيِّ حدّاً للوجود المطلق الإلهيِّ، فكلام غريب؛ لأنَّ الوجود التعلُّقيَّ إنّما يُعتَبر حداً لذاك الوجود لو كان يفسح عدمُه مجالاً لامتداد ذاك الوجود المطلق، فيقال: إنَّ هذا الوجود يعني حدّاً لذاك؛ إذ لا يبدأ هذا إلاّ من حين ينتهي ذاك، ولكنَّ الأمر ليس كذلك؛ لأنّ عدم الوجود التعلُّقيِّ لو فسح مجالاً للامتداد لكان الامتداد وجوداً تعلُّقيّاً، وتعالى الله عن أن يكون شيء من وجوده وجوداً تعلقياً سواءٌ وُجِدَ وجود تعلُّقيٌّ آخر أو لم يوجد، فأيُّ تأثير في حساب البرهان الذي اقتضى الإطلاق والصرافة في وجود الله لوجود تعلُّقيٍّ مخلوق لله


(1) التوحيد: 306، الباب 43، الحديث 1.

(2) نهج البلاغة: 367، رقم الخطبة: 186.

(3) السورة 21، الأنبياء، الآية: 16.