المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

601

الإفاقة المرجوّة؛ لأنّها أغفلت حاجتين ماسّتين يحسُّ بهما الإنسان في أعماق نفسه وفي ضميره ووجدانه، ولو إحساساً غامضاً وإجماليّاً: أحدهما إحساسه ببرمجة حياة سعيدة هنيئة آمنة مطمئنة، والثاني إحساسه بالعطش الروحي، والحاجة إلى الارتواء من معين القرب إلى الله، والفوز برضاه والذوبان فيه. والوصفة الناقصة لا تجلب رغبة المريض، ولا تشجّعه على العلاج، فلابدّ للطبيب الحاذق من إعطاء الوصفة الكاملة الناجعة؛ كي يؤثّر في الأعماق، ويحيي القلوب الميّتة بإذن الله.

 

9 ـ التدريب:

لا يتمّ التكامل في غير المعصوم إلاّ بالتدريب وترويض النفس. وها هو إمامنا المعصوم عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) يقول على ما في نهج البلاغة في كتابه لعثمان بن حنيف: «... وإنّما هي نفسي أُروّضها بالتقوى؛ لتأتي آمنة يوم الخوف الأكبر، وتثبت على جوانب المزلق...» ويقول(عليه السلام) في نهاية الكتاب: «... طوبى لنفس أدّت إلى ربّها فرضها، وعركت بجنبها بؤسها، وهجرت في الليل غمضها، حتّى إذا غلب الكرى عليها افترشت أرضها، وتوسّدت كفّها في معشر أسهر عيونهم خوف معادهم، وتجافت عن مضاجعهم جنوبهم، وهمهمت بذكر ربّهم شفاههم، وتقشعت بطول استغفارهم ذنوبهم ﴿... أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾»(1).

وينصح للتدريب بعِدَّة أُمور منها:

1 ـ إيجاد دورات أخلاقيَّة ونوبات متقطِّعة زمنيَّاً للتدريب، كما هو المألوف في نظام الإسلام: من افتراض مناسبات معيَّنة لأعمال الخير والعبادات والمساعدات


(1) نهج البلاغة: 574 و 579، والكتاب 45 إلى عثمان بن حنيف، والآية: 22 من السورة 58، المجادلة.