المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

613

الاستغناء عن التعلُّم، وإنَّما المقصود بذلك: أنَّ جلاءهما وصفاءهما يوجب انعكاس قسم من الحقائق التي لا يكفي فيها مجرّد التعلُّم، وأنَّ مَنْ وقع الرين والغبار على قلبه، فَقَدَ تلك الإدراكات الربَّانية الطاهرة. والمقدار الذي يكون ارتباطه بتطهير القلب وجلاء الضمير والوجدان واضحاً حتّى لعامَّة الناس، هو: مدركات الضمير والفطرة.

ويبدو لي أنَّه ممَّا يشير إلى الضمير والفطرة والقلب قوله سبحانه وتعالى: ﴿فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء ...﴾(1).

ومن الطريف تشبيه الآية المباركة التي نزلت قبل حوالي أربعة عشر قرناً ضيق الصدر بحالة من يصّعَّد إلى السماء، ولم يكن أحد ـ يومئذ ـ يعلم بأنَّ الصعود إلى السماء يوجب ضيق التنفُّس بسبب عدم وجود الهواء.

وقد ورد في تفسير هذه الآية المباركة أنّه لمَّا نزلت هذه الآية سُئل رسول الله(صلى الله عليه وآله)عن شرح الصدر ما هو؟ فقال: « نور يقذفه الله في قلب المؤمن، فينشرح له صدره وينفسح.

قالوا: فهل لذلك من أمارة يعرف بها؟

قال(صلى الله عليه وآله): نعم، الإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل نزوله »(2).

ومن الروايات التي تشير إلى العلم الذي ليس بمجرد التعلُّم ما روي عن عنوان البصري، عن الإمام الصادق(عليه السلام)؛ إذ ورد فيها قوله: «... ليس العلم بالتعلُّم، إنَّما هو نور يقع في قلب من يريد الله ـ تبارك وتعالى ـ أن يهديه...».


(1) السورة 6، الأنعام، الآية: 125.

(2) تفسير مجمع البيان في ذيل هذه الآية.