المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

622

الأرض بما شئت تطعك، فقال موسى: يا بني إسرائيل، إنَّ الله ـ تعالى ـ قد بعثني إلى قارون كما بعثني إلى فرعون، فمن كان معه فليثبت مكانه، ومن كان معي فليعتزل. فاعتزلوا قارون ولم يبقَ معه إلاّ رجلان، ثُمَّ قال موسى(عليه السلام): يا أرض خذيهم، فأخذتهم إلى كعابهم، ثُمّ قال: يا أرض خذيهم، فأخذتهم إلى ركبهم، ثُمَّ قال: يا أرض خذيهم، فأخذتهم إلى حقوهم، ثُمَّ قال: يا أرض خذيهم، فأخذتهم إلى أعناقهم، وقارون وصاحباه في كلِّ ذلك يتضرَّعون إلى موسى(عليه السلام)، ويناشده قارون بالله والرحم حتّى روي في بعض الأخبار أنَّه ناشده سبعين مرَّة، وموسى في جميع ذلك لا يلتفت إليه لشدَّة غضبه. ثُمّ قال: يا أرض خذيهم، فانطبقت عليهم الأرض. فأوحى الله سبحانه إلى موسى: يا موسى، ما أفظَّك! استغاثوا بك سبعين مرَّة فلم ترحمهم ولم تغثهم، أما وعزَّتي وجلالي لو إيَّاي دعوني مرَّة واحدة لوجدوني قريباً مجيباً »(1).

وأمَّا العفو عن الصغائر فقد دلَّت عليه الآية المباركة كما مضى مقيَّدة باجتناب الكبائر، ولا أحد ممَّن يرتكب صغيرة يستطيع أن يضمن أنّه لن تصدر عنه كبيرة إلى آخر العمر، ومن ثَمَّ لا يضمن العفو عن تلك الصغيرة، كما لا يستطيع أن يضمن عدم جرِّ تلك الصغيرة إيَّاه إلى الإصرار أو إلى الكبائر.

وعليه فالعفو عن الصغيرة ليس قطعيَّاً؛ لعدم قطعيَّة المعلَّق عليه، ومن ثمَّ ليس المفروض به أن يوجب الجرأة على المعصية إلاَّ بسوء الاستفادة من قبل نفس العاصي.

وأمَّا العفو عن اللمَم فقد دلَّت عليه الآية المباركة الماضية.

وعمدة المحتملات في اللمَم المستفادة من كتاب لسان العرب ثلاثة:

1 ـ أن يكون معنى اللمَم: مقاربة المعصية من غير مواقعة.


(1) بحار الأنوار 13 / 257.