المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

630

عزَّوجلَّ: فانظروا يا عبادي الآن إلى ما نلتموه من عليٍّ فداءً لصاحبه من ظلاماتكم، ويظهر لهم ثواب نفس واحد في الجنان من عجائب قصورها وخيراتها، فيكون ذلك ما يرضي الله به خصماء أُولئك المؤمنين، ثُمَّ يريهم بعد ذلك من الدرجات والمنازل ما لا عين رأت، ولا أُذن سمعت، ولا خطر على بال بشر، يقولون: ربَّنا، هل بقي من جنانك شيء؟ إذا كان هذا كلُّه لنا فأين تحلُّ سائر عبادك المؤمنين والأنبياء والصدّيقين والشهداء والصالحين؟ ويخيَّل إليهم عند ذلك أنَّ الجنَّة بأسرها قد جعلت لهم، فيأتي النداء من قبل الله تعالى: يا عبادي، هذا ثواب نفس واحد من أنفاس عليِّ بن أبي طالب الذي اقترحتموه عليه، قد جعله لكم فخذوه وانظروا، فيصيرون هم وهذا المؤمن الذي عوَّضه عليٌّ(عليه السلام) في تلك الجنان ثُمَّ يرون ما يضيفه الله عزَّ وجلَّ إلى ممالك عليٍّ في الجنان ما هو أضعاف ما بذله عن وليِّه الموالي له ممَّا شاء من الأضعاف التي لا يعرفها غيره. ثُمَّ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أذلك خير نزلاً أم شجرة الزقُّوم المعدَّة لمخالفي أخي ووصيِّي عليِّ بن أبي طالب(عليه السلام)(1).

وقد يشتدُّ الإشكال على مثل الرواية الأخيرة ممَّا يفتح باب الشفاعة على مصراعيه مع وضوح كونها قبل دخول النار: بأنَّها توجب الجرأة على المعاصي، ولكنَّ الجواب ما مضى: من أنَّ هذه الشفاعة قد تكون في نهايات يوم القيامة، وشدائد القيامة لا تطاق، والنجاة عنها يكون بالعمل، إلى سائر الأجوبة التي مضى ذكرها.

5 ـ ما عن أبي بصير قال: « سمعت أبا جعفر(عليه السلام) يقول: إنَّ قوماً يُحرقون بالنار حتّى إذا صاروا حمماً أدركتهم الشفاعة، قال: فينطلق بهم إلى نهر يخرج من رشح أهل الجنّة فيغتسلون فيه، فتنبت لحومهم ودماؤهم، وتذهب عنهم قشف النار،


(1) بحار الأنوار 8 / 59 ـ 61، و 68 / 107 ـ 109.